بنابلس، وعدني بأن يكتب إليه ويستعيرها منه ويرسلها إليّ، فلم يمض وقت طويل إلاّ وجاءتني هذه الرسالة، فإذا هي في نحو كراسة ونصف ترجم فيها الشقيقة صاحبة الترجمة، السيدة زينب الوسطى المكنّاة بأُم كلثوم، وقال: إنّها المدفونة بالشام، وكانت قد قدمت إليها في وقعة الحرّة، وترجم لأُختها عرضاً، واستشهد لصحّة ما ذكره بما رواه «ابن عساكر» أنّ السيدة زينب الكبرى قدمت مصر وماتت بها، وأنّ دفينة الشام هذه هي الوسطى، ولا صحّة لما يزعمه أهل دمشق. فاستنسخت منها بعض ما أهمّني الوقوف عليه، ثم رددتها بالتالي. وبعد فترة قصيرة من الزمن أرسل إليّ صاحبي هذا رسالةً عثر عليها في حلب عند بعض أصدقاء له هناك، عنوانها: «أخبار الزينبات للعبيدلي النسّابة» وذكر لي: إنّك تجد ـ إن شاء الله تعالى ـ في هذه الرسالة أُنشودتك الضالّة; ولذا فقد سمحت لك باستنساخها، فلمّا تصفّحتها تلمّحت منها ترجمة السيدة زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه، وإذا بي أجد في آخر الترجمة: أنّ السيدة زينب قدمت مصر بعد مصرع أخيها بيسير من الزمن، وماتت بها، ودُفنت بموضع يقال له: الحمراء القصوى حيث بساتين الزهرى... فنسخت الكتاب ورددته لصاحبي شاكراً له مسعاه، ونظراً لأهمّية هذا الكتاب، استصوبت أن أدرجه هنا بنصّه حرفياً، إذ لايوجد نظيره في سائر دور الكتب على ماوصل إليه بحثي، وإذ هو الحجر الأول الأساسي الذي قضى على هذا الخلاف القائم بين جمهرة المؤرّخين من قرون عديدة. فهذه الرسالة مع صغر حجمها هي نفسها الحجّة على من كان يستبعد دخول السيدة إلى مصر، ووفاتها بها، ودفن جثمانها الشريف في هذا الموضع، على أنّ المؤلّف (رحمه الله) عرف عن الخطّة بهذا التعريف المذكور بحسب ما كان يعرف به في عصره بين أهل مصر، واستطلعنا التعريف عنه قديماً وحديثاً من الخطط المصرية، وممّا كتبه لي الأستاذ صاحب العزّة مصطفى بك منير أدهم السكرتير العام لمصلحة