ألا إنّ حزب الشيطان يقرّبنا إلى حزب السفهاء; ليعطوهم أموال الله عوناً على انتهاك محارم الله، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، وهذه الأفواه تتحلّب من لحومنا، وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات، فلئن اتّخذتنا في هذه الحياة مغنماً، لتجدنّنا عليك مغرماً حين لاتجد إلاّ ما قدّمت يداك، تستصرخ بابن مرجانة ويستصرخ بك، وتتعاوى وأتباعك عند الميزان، وقد وجدت أفضل زاد تزوّدت به: قتل ذرّية محمد (صلى الله عليه وآله)! فوالله ما اتّقيت غير الله، وما شكوت إلاّ لله. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لايرحض عنك عار ما أتيت إلينا أبداً». جثمان السيّدة في مصر لم أقصد بوضعي هذه الرسالة التي تضمّنت كثيراً من أخبار هذه البضعة النبوية، إقامة الحجّة على من يستبعد وجود جثمانها الشريف في مصر، وخاصّةً في هذا الموضع التي تُزار به الآن، إذ التواريخ[648] لم ترو لنا ذلك، ولم يرد فيها تفاصيل ثابتة تؤيّد هذا القول. ورواية أهل الكشف في هذا الخصوص تتعلّق بشخصياتهم; إذ هي من قبيل المشاهدات الروحية، وليس لها في بحثنا هذا مجال، والمقصود: الوقوف مع الحقائق الثابتة المؤيّدة بأدّلة علمية. فلهذا كنت قد اعتزمت على أن لا أخوض هذا البحث; حيطةً من الوقوع فيما لم يرد به نصّ ثابت، فاقتصرت على ما أوردته من أخبارها التي تضمّ بين دفّتيها أُسلوباً من البلاغة العربية، والتي تمثّل سلسلة فضائل يتّخذ منها أُنموذجاً ترتكز عليه شعور الأُمم الحيّة، الأمر الذي جعل هذه السيدة الطاهرة في مصافّ شهيرات النساء. فلمّا أتممت ما قصدت، وألممت بما إليه أشرت، مع ما اندرج في طيّ ذلك من المناسبات بقدر ما وصل إليه علمي، خطر لي أن أطرق باب البحث مرّةً ثانيةً لعلّي