ومعلوم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لايزيد في الدين شيئاً من عنده، بل لابدّ أنّ الله تعالى أوحى إليه أن يعلّم المسلمين الصلاة والدعاء لآل البيت في التشهّد، أن يقولوا في التشهّد: اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. والمعنى كما ذكره سيدي محيي الدين ابن عربي: «اللّهم صلِّ على سيدنا محمد من حيث ما له آل، كما صلّيت على سيدنا إبراهيم من حيث ما له آل، وحيث إنّ آل سيدنا محمد ليس فيهم نبيّون; لأنّ النبوة والرسالة خُتمت بسيدنا محمد (صلى الله عليه وآله)، فالمعنى ينصرف إلى آله (صلى الله عليه وآله); ليكونوا في الفضل كآل سيدنا إبراهيم الذين فيهم أنبياء كسيدنا إسماعيل وسيدنا يوسف (عليهما السلام)، فالرفعة لآل سيدنا محمد لا له (صلى الله عليه وآله); لإنّ مقامه معروف عند ربّه، وهو أسمى مقام، وإنّما الدعاء والصلاة في التشهّد لآل البيت، وكلّ مسلم يفعل ذلك. ويدلّ ذلك على أنّهم مكرَّمون من الله تعالى، ومن يحبّهم يكرَّم بكرامتهم، ويحشر معهم إن شاء الله». * * * ...وهذا الكتاب أيها القارئ الكريم هو كتاب محبّة، ودعوة من القلب إلى القلب لمحبّة أهل البيت، بأداء واجب المودّة التي هي وصيّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بآل بيته وذرّيته من باب الوفاء له (صلى الله عليه وآله)، وقد دلّت أفعالهم وأحوالهم على أنّهم استحقّوا شرف الانتساب لأكرم خلق الله، فلهم جهاد في سبيل الحقّ، ولهم مواقف كريمة، ولهم كلام نافع، شهد لهم العلماء بذلك; لذلك كانت لهم منزلتهم الكريمة عند السلف الصالح، وخاصّةً الخلفاء الراشدين، فكان سيدنا أبو بكر (رضي الله عنه) يقول: «لصلة رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحبّ إليَّ من صلة رحمي»، كما تزوّج سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)بالسيدة أم كلثوم بنت الإمام علي; لتكون له صلة بذرّية المصطفى (صلى الله عليه وآله)، كما أخبر بذلك، ثم سار على ذلك أهل الصلاح وكلّ المحبّين لرسول الله (صلى الله عليه وآله). وأحفاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين يحدّثك عنهم هذا الكتاب، هم المطهّرون الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، لشرف انتسابهم إلى أحبّ أحبابه (صلى الله عليه وآله)،