وإن كان هناك من يشكّك في سكنى آل البيت أضرحتهم في مصر، فنحن نعلم أنّ تاريخ الإسلام بصفة عامة كتبه رجال ثقات، ومنهم المقريزي الذي عرض لموضوع رأس الحسين، فقال في خططه: «وبنى الصالح طلائع الوزير مسجداً للرأس خارج باب زويلة من جهة الدرب الأحمر، وهو المعروف بجامع الصالح طلائع، فغسل الرأس في المسجد المذكور على ألواح الخشب». ثم قال كذلك، وهو المؤرّخ الثقة: «ثم نقلت رأس الحسين (رضي الله عنه) من عسقلان إلى القاهرة في يوم الأحد ثامن من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة»[645] وكذلك جاء في كتاب «العدل الشاهد في تحقيق المشاهد»: أنّ عبدالرحمن كتخدا لمّا أراد توسيع المسجد المجاور للمسجد الشريف سنة خمس وسبعين ومائة وألف للهجرة، قيل له: إنّ هذا المشهد لم يثبت فيه دفن رأس الحسين، فأراد التحقّق من ذلك، فكشف المشهد الشريف بمحضر من الناس، ونزل به العالمان الجليلان: الشيخ الجوهري الشافعي والشيخ الملوي المالكي، فشاهدا ـ كما ذكرا بعد أن خرجا ـ كرسيّاً من الخشب الساج، عليه طست من الذهب، فوقه ستارة من الحرير الأخضر، تحتها كيس من الحرير الأخضر الرقيق داخله الرأس الشريف». وعلى أيّة حال، فإنّ الإمام ابن الجوزي قال في هذا المقام: «ففي أيّ مكان كان رأس الحسين أو جسده، فهو ساكن في القلوب والضمائر، قاطن في الأسرار والخواطر». ولهذا نقول: إنّ حبّ آل البيت، وحسن الظنّ بأماكن أضرحتهم، خير من الإعراض عن زيارتهم بحجج لايقين معها، وصدق المحبّ القائل: لاتطلبوا المولى الحسين *** بأرض شرق أو بغربِ وذروا الجميع ويمّموا *** نحوي فمشهده بقلبي ومن هنا فإنّ الزائر مُثاب على قراءة شيء من القرآن والدعاء لواحد من