كلّ صلاة: «اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد»، وهذا دعاء لهم بالصلاة التي هي الرحمة من الله تعالى عليهم. ولهذا، فقد أظهرت مصر تعاطفاً كبيراً مع أهل البيت أيام كربلاء وبعدها، فأحسنت استقبال السيدة زينب ومن معها من آل البيت حين اختارت مصر مقاماً لها عقب مقتل الحسين (رضي الله عنه)، ومع أنّ الخلفاء العباسيّين حاولوا فيما بعد إخماد شعلة التعاطف لدى المصريّين مع آل البيت، إلاّ أنّ المصريّين ازدادوا تعاطفاً وحبّاً لهم، ويشهد على ذلك كثرة الأضرحة التي تضمّها مصر لآل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، ولإيثارهم الإقامة فيها دون غيرها من الأمصار الإسلامية. رغم أنّ بعض الحكّام في الشام وفي العراق كانوا يرسلون رؤوس القتلى من آل البيت إلى مصر; لتخويف أهلها من الالتفاف حول آل البيت والتعاطف معهم، لكنّ ظلّ المصريون أكثر الناس حبّاً لهم، مع أنّه كانت ظاهرة التنكيل بالعلويّين من ذرّية الإمام علي على امتداد العصرين: الأموي والعباسي، فيما عدا بعض الخلفاء الذين عرفوا حقّ آل البيت ومنزلتهم، مثل عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه)، الذي لم يكن يخاف على ملكه وسلطانه مثل باقي الخلفاء الأمويّين، ومثل الخليفة العباسي المأمون، الذي كان بطبيعته يميل إلى أهل البيت، فقد قرّب الإمام علي الرضا منه، ثم ولاّه العهد في حياته، ووصّى له بالخلافة، غير أنّه لم يتمّ له تولّي الخلافة. ولقد عرفت مصر حبّ آل البيت المحمدي منذ عرف أهلها حبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، آخذاً من توجيه الله تعالى في كتابه العزيز: (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ]الشورى: 23[، ومن توجيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعم، وأحبّوني لحبّ الله، وأحبّوا آل بيتي لحبّي لهم»[644] (عن ابن عباس رواه الترمذي والحاكم).