وكلمة أخيرة نقولها لمن يقاطع زيارة أهل البيت والأولياء الصالحين، ويتشكّك في الصلاة في المساجد المسمّاة بأسمائهم أو التي تضمّ قبورهم وأضرحتهم: إذا كان الهجر لكلّ مسجد فيه قبر، لهُجر مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ففيه دُفنت إلى جوار رسول الله (صلى الله عليه وآله) السيدة فاطمة الزهراء، ودُفن سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وبعض الصحابة رضي الله عنهم، ويزور المسلمون والسلف الصالح القبر الشريف، ويسلّمون على فاطمة، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم بعد أداء واجب العبادة لربّ العالمين، بل إنّ الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة فيما سواه، ولما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة»[641] وقياساً على ذلك قال الإمام النووي: يسنّ الإكثار من زيارة القبور، والإكثار من الوقوف عند قبور أهل التقوى والصلاح. كما قال ابن الحاج في مدخله: ما زال العلماء كابراً عن كابر، مشرقاً ومغرباً، يتبرّكون بزيارة قبور الصالحين، فإنّ بركتهم جارية بعد موتهم كما كانت في حياتهم. وإنّ السفر لأجل العبادة يدخل في جملة زيارة قبور الأنبياء والصحابة والتابعين، وسائر العلماء والأولياء. فما القول بعد ذلك في زيارة أضرحة أهل البيت، الذين وصّانا رسول الله (صلى الله عليه وآله)بمودّتهم، وحدّث عن فضلهم؟ فمن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم; ولذلك تبارى أهل المحبّة في الحديث عن فضل زيارة أهل البيت، أحفاد النبي (صلى الله عليه وآله) خاصةً في كلّ عصر وزمان. وما أصدق المحبّ شاعر الأولياء الشيخ علي عقل حين أنشد: يقولون من هم قلت آل محمد *** همو ثقتي روحي لهم تتبتّلُ