غير أنّ الواضح من معنى الحديث: أنّ هذه الصيغة لاتفيد المنع من الرحلة إلى مساجد غير المذكورة، بل تفيد التفضيل لثواب الصلاة في هذه المساجد على غيرها، فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن بعده الصحابة الكرام يشدّون الرحال للصلاة في مسجد قباء بضواحي المدينة المنوّرة. ومن هنا فإنّ شدّ الرحال إلى بيوت الله غير ممتنع، ولكن ثوابها أقلّ من شدّها إلى هذه المساجد الثلاثة المذكورة في الحديث الشريف[638]. كما أنّ التضييق على المسلمين في زيارة الأولياء في قبورهم وأضرحتهم بعد الصلاة لله في هذه المساجد الملحقة بها أضرحتهم يمنع خيراً عن المسلمين. ولقد بلغت المغالاة في النهي بالبعض إلى إبطال الصلاة إذا كانت نيّة المصلّي بعدها هي الزيارة! فتلك دعوىً فيها تضييق، وتعطّل بيوت الله، بينما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»[639] وقال: «ألا وقد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها»[640].