وقد سنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنا ذلك، وأمرنا القرآن بذلك (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) ]الإسراء: 24[. ولقد جاء في كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة» بضرورة الحرص على زيارة الأضرحة وتذكّر يوم الحساب، وهي عامة في كلّ الأيام عند الحنابلة، وعند الشافعية من عصر يوم الخميس إلى طلوع يوم السبت، وعند المالكية والحنفية تكون الزيارة أيام الخميس والجمعة والسبت، كما اهتمّ أئمة المذاهب بزيارة قبور الصالحين; لأنّ هذه الأماكن تأنس لها الملائكة، ويستجيب الله فيها الدعاء، فإنّ الصالحين كانت لهم أعمال وأنوار من الله، ونور الله لايُحجب عنهم: أحياء وميّتين[636]. وإذا كان هناك من ينهى عن زيارة الأضرحة من باب سدّ الذرائع، فهذا قياس مع الفارق; لأنّ الذين كانوا يتّجهون إلى الأصنام، كانوا كفّاراً مشركين يعبدونها، بينما هؤلاء مسلمون موحّدون يحبّون أصحاب القبور، وفرق بين المحبّة والعبادة، بدليل أنّ الزائر المسلم يصلّي لله ويعبده في نفس المكان، ولايصلّي إلاّ لله قبل الزيارة. ولقد كان الأئمة والصالحون حريصين على زيارة أضرحة أهل البيت، ومنهم الإمام الشعراني (رضي الله عنه) ـ وكان شيخاً للأزهر ـ يقول في كتابه «المنن»: وممّا منّ الله تعالى به عليَّ: زيارتي بين فترة وأخرى لآل البيت الذين دفنوا في مصر، كلّهم أو