ولاشكّ أنّ أولياء الله هم أقرب الناس إلى خالقهم بعد الأنبياء، وهم في درجات عليا عند ربّهم (لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ) ]الزمر: 34[. والناس حين يثقون في ولاية واحد من أهل الله المتّقين، فإنّهم يعتقدون فيه البركة التي ينالونها على يديه في حياته، متمثّلة في دعائه وفي خيره الذي يصلهم بواسطته من عند الله تعالى، ولم تكن هذه الثقة قد جاءتهم إلاّ بعد ممارسات وتجارب أكّدت لهم أنّ له عطاءً من عند الله يستفيد منه أهل محبّته، ويستشفع به عند الله في حسن ظنٍّ به، ولم تنقطع هذه البركة بعد وفاته. والذي ثبت أنّ زوار أهل البيت والأولياء الصالحين في أضرحتهم، ليسوا جميعاً من العوام الذين لاتكتمل الثقة في رواياتهم، بل المشهور أنّ هؤلاء المتردّدين على المزارات من أهل العلم والثقافة، ومن أهل الثقة الذين لايشكّ في رواياتهم، وهذا يدلّ على أنّ الذين يذوقون حلو الزيارة، ويشعرون بجمالها، يلزمون أنفسهم المداومة عليها، وينشدون الراحة النفسية والسكينة في هذه الرياض الطيّبة. فقد وصلوا إلى حدّ الاعتقاد بأنّ الضريح في مكان طاهر يستجاب فيه الدعاء، وهذا الأمر مجرَّب لديهم، ومن يأتي إلى مكان طاهر كهذا فإنّه يكون في حالة قرب من الله تعالى، فالملائكة ترفرف حول الطهارة والتقوى، وبإذن الله تقضي حاجات الزائرين، ويستجاب دعاؤهم عندها. وإن قيل: إنّ الإنسان بعد الموت يبلى! ألا يعلم أنّ الروح موصولة بالجسد، تحوم حوله؟ وإلاّ فما فائدة قراءة السلام على الأموات عند القبور؟ وما فضل دعاء الولد الصالح لأبيه وهو في قبره؟