حلق إبراهيم، فأنزلوه وهو يقول: «وكان أمر الله قدراً مقدوراً، أردنا أمراً وأراد الله غيره»، واجتمع أصحابه يحملونه. وأنكر عيسى اجتماعهم وحمل عليهم، فتفرّقوا عن إبراهيم، فنزل جماعة واجتزّوا رأسه وبعثوا به إلى المنصور، وذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وعمره ثماني وأربعين سنة[513]. أمّا عن أثر هذه الأحداث في مصر، وكيف جاء رأس إبراهيم إليها، فيحدّثنا ابن ظهيرة في كتابه «الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة» فيقول: وفي أيام يزيد بن حاتم والي مصر من قبل الخليفة المنصور، ظهرت بمصر دعوة بني الحسن بن علي بن أبي طالب، وتكلّم بها الناس، وبايع كثير منهم لبني الحسن في الباطن، وماجت الناس بمصر، وكاد أمر بني الحسن أن يتمّ، والبيعة كانت باسم علي بن محمد بن عبدالله. وبينما الناس في ذلك قدم يزيد برأس إبراهيم بن عبدالله بن علي بن أبي طالبفي ذي الحجّة سنة خمس وأربعين ومائة، فنُصب في المسجد أياماً[514]. وممّا يدلّ على تحرّج الحالة في مصر، كما يقول ابن ظهيرة: «إنّ يزيد قد منع أهل مصر من الحجّ; بسبب خروج العلويّين بالمدينة، فلمّا قُتل إبراهيم أذن لهم»[515]. ولابن ظهيرة في كتابه «الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة» رأي آخر عن مكان دفن رأس إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، إذ يقول: «مسجد البئر والجميزة في طريق الجب، بُني على رأس إبراهيم بن عبدالله، أرسله أبو جعفر المنصور إلى الأمصار، فأخذه أهل مصر، ودفنوه في هذا الموضع». وفي تفسيره لمكان البئر والجميزة يقول: «هما العريش»[516].