ويضيف الذهبي فيقول: وفيها (أي سنة 145 هـ ) خرج أخوه إبراهيم بن عبدالله بن حسن بالبصرة، وكان قد سار من الحجاز إلى البصرة، فدخلها سرّاً في عشرة أنفس، ولمّا بلغ المنصور خروجه تحوّل فنزل الكوفة حتّى يأمن غائلة أهلها، وألزم الناس بلبس السواد، وجعل يقتل كلّ من اتّهمه أو يحبسه، وتهاون متولّي البصرة في أمر إبراهيم حتّى اتّسع الخرق، فجهّز المنصور لحربه خمسة آلاف، فكان بين الفريقين عدّة وقعات، وقُتل خلق من أهل البصرة وواسط. وبقي إبراهيم سائر رمضان يفرّق العمال على البلدان ليخرج على المنصور من كلّ جهة فتقاً، فأتاه مصرع أخيه بالمدينة قبل الفطر بثلاثة أيام، فلم يبرح أن ردّ المنصور من المدينة عيسى بن موسى فوجّهه لحرب إبراهيم[510]. ولعلّ استطرادنا في سرد تفاصيل الحوادث التي دارت بين المنصور وإبراهيم ما يبرّر جزّ المنصور لرأس إبراهيم والطواف به في الأمصار; ليكون عبرةً لمن تحدّثه نفسه من العلويّين للخروج عليه أو على غيره من آل العباس، فقد جاء في أحداث سنة 145 هـ أنّ المنصور مكث لا يقرّ له قرار، فجهّز العساكر، ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة. وكلّ يوم يأتيه فتق من ناحية[511]. ويضيف الحافظ الذهبي: ولولا السعادة لثلّ عرشه بدون ذلك، فلو هجم إبراهيم بالكوفة لظفر بالمنصور، ولكنّه كان فيه دين، قال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير. وكان أصحابه مع قلّة رأيه يختلفون عليه[512]. وأخيراً استطاع جيش عيسى بن موسى أن يحيط بجيش إبراهيم، وحمل على عسكره فوقعت الهزيمة على أصحاب إبراهيم حتى بقي سبعون، واشتدّ القتال حتّى تفانى خلق تحت السيف طول النهار، وجاء سهم غريب لا يدرى من رمى به في