وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ مشهد السيدة رقيّة يشبه أحلى وأرقّ الآثار الفاطمية في حي النحّاسين بالأزهر، وأقصد الجامع الأقمر، خاصّةً واجهته الغربية، والجامع الأقمر بُني في عصر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله عام 519 هـ . إنّه يشبه تماماً في واجهته الغربية مشهد السيدة رقيّة، وهذه الواجهة الغربية تعتبر من أجمل واجهات المساجد في مصر، للنقوش والكتابات المزهرة عليها، وكلّها منحوتة في الحجر، بالإضاضة إلى تلك العقود والحنيات المجوّفة والمقرنصات التي تتوسطها دوائر، كُتب عليها: محمد وعلي... كما توجد دائرة كبيرة فوق الباب كُتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ]الأحزاب: 33[. والذي نريد أن نقوله: إنّ أغلب ما في واجهة الأقمر، يوجد مثله في مشهد السيدة رقيّة وفي محاريبه الثلاثة، حتّى إنّ الناظر إليهما، والمقارن بينهما، يظنّ أنّ الجامع الأقمر، ومشهد السيدة رقيّة عُملا في وقت واحد.. ولكنّ الثابت أنّ الذي بنى مشهد السيدة رقيّة هو الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله، ثامن الخلفاء الفاطميّين، بينما الجامع الأقمر أُنشئ في عهد الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله. وممّا يثبت أنّ السيدة رقيّة من آل البيت، وأنّ جدّتها السيدة فاطمة الزهراء، ما قيل من أنّ الفاطميّين بالذات كانوا من الحرص بحيث لا يبنون مشهداً على قبر، إلاّ بعد تأكّدهم من أنّ صاحبه أو صاحبته من آل البيت، ومن سلالة فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب بالذات. ونحن لو عرفنا أنّ في مصر يزيد عدد المشهور من الأضرحة والمشاهد على الألف، فإنّ اهتمام الفاطميّين ببعض هذه الأضرحة والمشاهد ـ ومنه مشهد السيدة رقيّة ـ دليل دامغ على أنّها في مصر. وإذا كان بناء القبّة في مصر قد تطوّر ـ من خلال العمارة الإسلامية ـ وصار لها وظيفة مهمة هي تغطية المساحات المربّعة ـ وفضلاً عن الإشارة إلى أهمية هذا الجزء ـ فإنّ قبّة السيدة رقية قد بُنيت لتقول: هنا ترقد السيدة الشريفة رقيّة رضي الله عنها.