ويحدّث محمد بن عبدالله بن عمرو فيقول: جمعتنا أُمّنا فاطمة بنت الحسين فقالت: يا بني.. إنّه والله ما نال أحد من أهل السفه بسفههم، ولا أدركوا ما أدركوه من لذّاتهم، إلاّ وقد أدركه أهل المروءات بمروءاتهم، فاستتروا بستر الله[465]. ولمّا جاءه نصيبها من الخُمس، وقد نالت خمسين ديناراً، فدعت يحيى بن أبي يعلى وقالت له: اكتب، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم لعبدالله عمر أمير المؤمنين، من فاطمة بنت الحسين.. سلامٌ عليك، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو. أمّا بعد.. فأصلح الله أمير المؤمنين وأعانه على ما ولاّه، وعصم له دينه، فإنّ أمير المؤمنين كتب إلى أبي بكر بن حزم أن يقسم فينا مالاً من الكتيبة، ويتحرّى بذلك ما كان يصنع من قبله من الأئمة الراشدين المهديّين، فقد بلغنا ذلك وقسّم فينا، فوصل الله أمير المؤمنين، وجزاه من وال من خير ما جزى أحداً من الولاة، فقد كانت أصابتنا جفوةٌ واحتجنا إلى أن يعمل فينا بالحقّ، فأقسم لك بالله يا أمير المؤمنين، لقد اختدم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان لا خادم له، واكتسي من كان عارياً، واستنفق من كان لايجد ما يستنفق. وبعثت إليه رسولاً. قال: فأخبرني الرسول قال: فقدمت عليه، فقرأ كتابها، وإنّه ليحمد الله ويشكره، وأمر لي بعشرة دنانير، وبعث إلى فاطمة بخمسمائة دينار، وقال: استعيني بها على ما يعروك، وكتب إليها يذكر فضلها، وفضل أهل بيتها، ويذكر ما أوجب الله لهم من الحقّ. قال: فقدمت عليها بذلك المال[466]. وفاة فاطمة بنت الحسين عاشت فاطمة بنت الحسين، وعمرت حتّى ماتت، وقد قاربت التسعين سنة،