بين نساء آل البيت بالذكاء وحدّة الذهن، وسرعة الخاطرة، وقوّة الحجّة. ويضربون لذلك العديد من الأمثال.. وممّا يروونه في هذا السياق: أنّ هذه السيدة الطاهرة سكينة ابنة الإمام الحسين رضي الله عنهما كانت تحضر في يوم من الأيام مجتمعاً لمثيلاتها من الشابات، كنّ يتحدّثن فيه عن فضل الشهداء ودرجاتهم عند الله، أمثال أُمراء المؤمنين: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب، وابنه الإمام الحسين، مستشهدات بقول الله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) ]آل عمران: 169 - 170[. وكان في هذا المجتمع إحدى بنات سيدنا عثمان (رضي الله عنه)، فقالت مفتخرة بأبيها: إنّها بنت الشهيد الثاني، وفهمت السيدة سكينة بذكائها أنّ ابنة عثمان كانت تقصد بكلامها هذا أنّ أباها استشهد قبل استشهاد كلّ من الإمام علي جدّ السيدة سكينة، والإمام الحسين والدها. وكان ذلك قبيل دخول وقت من أوقات الصلاة، فسكتت السيدة سكينة حتّى أذّن المؤذّن، وذكر اسم جدّها محمد (صلى الله عليه وآله) عقب ذكر اسم الله تعالى، حيث قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله.. فاتّجهت السيدة سكينة إلى ابنة سيدنا عثمان وقالت: هذا جدّي، ذاك أبوك، فقالت ابنة سيدنا عثمان: من الآن لا أفتخر عليكم أبداً. ولمّا بلغت السيدة سكينة رضي الله عنها الثالثة عشرة من عمرها، كان جسمها نامياً كأنّها بنت العشرين.. وكانت مضرب الأمثال في العفّة والإيمان، مع رفعة مكانتها من البيت النبوي الكريم. وقد عاشت أُخريات أيامها حيث لازمت طاعة الله بصيام النهار وقيام الليل، والبرّ بالفقراء والمساكين، حتّى رحلت إلى جوار ربّها. وهناك من الرواة من ينسب إليها الكثير من الأعمال والأقوال، وقد شكّك في ذلك فريق آخر من هؤلاء الرواة، ونحن ننقل هنا ما قيل بشأن هذه وذاك. فقد ذكرت بعض كتب هؤلاء الرواة أنّ السيدة سكينة رضي الله عنها كانت تصفّف شعرها،