انتزعت من إطار أخيها سراج الدنيا وجمال الإسلام علي زين العابدين، لتصبح طرفاً في نوادر أشعب الطفيلي الجشع، ومقابلات المغنية «عزة الميلاء»، بل وناهية المغنّي ابن سريج عن التوبة والإيّاب إلى حظيرة الورع الإسلامي!! من رواية يقولها أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني: «كان ابن سريج قد أصابته الريح الخبيثة، وآلى يميناً ألاّ يغنّي، ونسك ولزم المسجد حتّى عوفي. ثم خرج وفيه بقيّة من العلّة، فأتى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وموضع مصلاّه. فلمّا قدم المدينة نزل على بعض إخوانه من أهل النسك والقراءة، فكان أهل الغناء يأتونه مسلّمين عليه، فلا يأذن لهم بالجلوس والمحادثة، فأقام بالمدينة حولاً، حتّى لم يعد يحسّ من علّته بشيء، وأراد الشخوص إلى مكّة، وبلغ ذلك سكينة بنت الحسين (رضي الله عنه)، فاغتمّت اغتماماً شديداً، وضاقت به ذرعها. وكان أشعب يخدمها، وكانت تأنس بمضاحكته ونوادره. فقالت لأشعب: ويلك!.. إنّ ابن سريج شاخص وقد دخل المدينة منذ حول، ولم أسمع من غنائه قليلاً ولا كثيراً، ويعزّ ذلك عليَّ، فكيف الحيلة في الاستماع منه ولو صوتاً واحداً؟ فقال لها أشعب: جعلت فداك، وأنّى لك بذلك، والرجل اليوم زاهد ولا حيلة فيه؟ فارفعي طمعك وامسحي بوزك تنفعك حلاوة فمك! فأمرت بعض جواريها فوطئن بطنه حتّى كادت أمعاؤه أن تخرج.. وتستمرّ الرواية في هذا النهج من السرد الفظّ البذيء تحكي فيه كيف أرغمت بنت الحسين أشعب على الذهاب لابن سريج المغنّي التائب ليقنعه بالغناء عندها، والمغنّي يقول: كلاّ والله، لا يكون ذلك أبداً بعد أن تركته! حتّى يصل الأمر بأن يهدّده أشعب بالصراخ والافتراء عليه بأبشع التهم الأخلاقية، حتّى يرضخ المغنّي، ويذهب إلى سكينة التي تضحك من فعل أشعب اللاأخلاقي، وتأمر له بدنانير وكسوة!!! ثم تقسم على المغنّي قائلة: برئت من جدّي إن برحت داري ثلاثاً، وبرئت من جدّي إن أنت لم تغنِّ إن خرجت من داري شهراً، وبرئت من جدّي إن أقمت في