* يموت يزيد، ولم يلبس الملك إلاّ ما يزيد قليلاً على السنوات الثلاث، ذبح فيها ذريّة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهتك مدينته المنوّرة، وأحرق بيت الله الحرام، «ثم لم تكن عاقبة هذا كلّه على آل أبي سفيان، إلاّ خروج الملك منهم، وانتقاله إلى غيرهم. فقد مات يزيد... قتلته لذّته أشنع قتلة، فقد كان ـ فيما زعم الرواة ـ يسابق قرداً فسقط عن فرسه سقطةً كان فيها الموت!»[426]. * تعيش سكينة في هذا الإطار الدامي في كنف أخيها العابد، السجّاد، المتفرّغ للعلم والفقه، القائم ليلاً، باكياً داعياً متضرّعاً، وهي «المستغرقة في الله، فما تصلح لرجل». ومع ذلك ما نلبث أن نرى الروايات والأخبار والواصفين لسكينة أُخرى غريبة عن هذا كلّه، متناقضة منطقياً وفكرياً ودينياً مع عواصف حياتها، وإطار منشئها، ومبدئية دينها. واصفون لها ما عرفوا لها شكلاً ولا ملمحاً إلاّ يوم كشف وجهها مع نساء أهل البيت في كربلاء وسقط حجابها، فاستبيح جلال جمالها بالتحدّث عنه والتغزّل فيه والافتراء عليها.. إيذاء في قالب تمجيد ومباهاة! * الافتراءات بينما تأخذنا الصفات لنرى: خديجة السكن، وفاطمة الزهراء والبتول، وزينب العقيلة الهاشمية، نجد سكينة وقد ألحقوا بها: الغادة الهاشمية! أو الحسناء القرشية! أو صاحبة الطرّة السكينية! بزعم أنّها كانت لها أساليبها وأفانينها في التأنّق في الملبس وتصفيف الشعر! فتأخذ الصفات صورة «المستغرقة في الله فما تصلح لرجل» لتحيلها إلى صورة المفتونة بالدنيا المقبلة عليها، المشاركة في تدعيم فتنتها!! حتّى يتمهّد الطريق ليصبح ـ فيما بعد ـ معقولاً، أن نرى سكينة وقد شغلت عن قضية الحسين، لتنغمس حتّى أُذنيها في قضايا عمر بن أبي ربيعة الماجنة، أو نراها وقد