فارس، وهو الوحيد الذي بقي من أبناء الحسين، يحمل ذريّة رسولنا المفدّى، صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى آله، ولد عام 38 هـ ، عرفه الناس في طفولته وصباه، وشبابه وكهولته، حتّى وفاته وعمره 57 عاماً: عابداً، زاهداً، فقيهاً، عالماً من أشهر البكّائين ـ ورعاً ـ في الإسلام. 4 ـ جعفر وأُمّه من قبيلة بليّ. وأخت واحدة هي فاطمة، وأُمّها أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيدالله التميمي. * تعيش سكينة السنوات العشر الأولى من عمرها في بيت النبوة، تحت حكم معاوية، يكون فيها عمّها الحسن قد آثر الانقطاع للعلم والفقه، ويكون والدها الحسين قد شارك في فتح أفريقيا وطبرستان، وفي غزو القسطنطينية عام 49 هـ ، ويكون متواصلاً مع ذلك في حلقات العلم التي يعقدها في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتّى ليقول معاوية وهو في دمشق لرجل من رجاله: «إذا دخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأيت حلقةً، فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبدالله الحسين، مؤتزراً إلى أنصاف ساقيه». ويكون عمّها الحسن قد استشهد، مقتولاً بسمٍّ دسّه له معاوية ليتحلّل من عهده، ويجمع البيعة المنكرة لابنه يزيد عام 50 هـ ، وهي لم تتعدّ الثالثة، لكنّها تستشعر طقس غضب البيت النبوي، وإحساسه المكثّف بالظلم والغدر، والتزام الحسين بمبدأ: «لا مبايعة ليزيد» انطلاقاً من التزامه بمصلحة الإسلام: ديناً، وحكومة، وحقّاً للمسلمين في عنقه. * في تلك السنوات العشر، بل الثلاث عشرة، منذ مولدها 47 هـ حتّى سفرها إلى مكة مع الحسين في موسم الحج (12/60 هـ ) قبل السير إلى كربلاء، تكون سكينة، ككلّ نماذج البيت النبوي، والمسلمين الصالحين الملتزمين، قد حفظت القرآن ووعته ودرسته، وتشرّبت مبدئيات وأخلاقيات الرساليات الداعيات من بيت النبوّة، وأمامها قدوتها المثلى: عمّتها زينب بنت فاطمة بنت خديجة، ذريّة بعضها من بعض، نشأتهنّ تربية محمد (صلى الله عليه وآله) على الزهد والتقى والجهاد، والتحرّج حتّى في الحلال،