يزيد هول المشهد الفاجع; فيعولن نادبات منتحبات! لا تسقط أنظار رجال يزيد عن النساء النبويات اللاتي أهتك الأسر سترهنّ، لا تبالي أنظار رجال يزيد جوّ الشؤم والبلاء، وتدور تتفحّص الحرمات العقائل. يزيد مشغول بالتنقيب بين الرؤوس المقدَّمة إليه، حتّى يجد رأس الحسين، فيعبث بقضيب في يده بثنايا الإمام الحسين حيث كانت قبلات الرسول المفدّى لقرّة عينه. أحد الرجال يحدق في سكينة[420] التي تعجبه، فيتقدّم ليأخذها: ـ يا أمير المؤمنين، هب لي هذه! في هلع تختبئ الصبية بحضن عمّتها التي تزعق: ـ كذبت ولؤمت! ما ذلك لك ولا له! تأخذ يزيد العزّة بالإثم: ـ كذبت.. ووالله، إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلت! وطأة اللؤم تشتدّ لكن زينب مستمرّة: ـ كلا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلاّ أن تخرج من ملّتنا، وتدين بغير ديننا! فيهب زاعقاً: ـ إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك! ـ بدين الله ودين أبي وأخي وجدّي اهتديت يا يزيد، أنت وأبوك وجدك! فيطير صوابه: ـ كذبت يا عدوّة الله! ـ أنت أمير مسلّط، تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك... إنّ الله إن أمهلك فهو قوله: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لاَِنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً