لعلّهم من أجل ذلك بالذات يسبّون علياً! ولو قدروا على أكثر من ذلك لفعلوا، وها هم أولاء اليوم قد قدروا على أكثر ففعلوه، وسوف يقدرون غداً على أكثر وأكثر، وسوف يفعلونه! إن كان هؤلاء يملأون أعينهم من وجه سكينة، ويفحصون في قحّة مكامن ملاحتها، فلتملأ هي قلبها بالوعي العميق بقدرة الباطل على خداع نفسه، حتّى يتطاول كأنّه حقّ! ولتتفحّص بعقلها التفافات النفاق حين يتّخذ إيمانه ساتراً; ليصدّ عن سبيل الله! لترى سكينة إذاً في هذا المشهد وما يليه برهان ما تعلّمته من القرآن عن الكافرين والمشركين والمنافقين، ولتتعزّ بآياته التي تتذكّر منها الآن بقوة: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ]الحجر: 97 ـ 99[. * مشهد ثالث موكب السبايا الكريمات، وبينهنّ علي بن الحسين الذي سخّر الله له المرض; لينجيه من المذبحة; ليحفظ به العترة الطاهرة من ذريّة الرسول (صلى الله عليه وآله)، يسير الموكب من الكوفة إلى دمشق، إلى حيث قصر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب. إلاّ تكن نبوّة فخلافة! هكذا صار منطقهم ليعيدوا «فرسي الرهان» إلى التوازن بين بني عبد مناف وبني أُمية! قالها أبو سفيان صراحة عند موته: يا بني أُمية تلقّفوها تلقّف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم، ولتصيرنّ إلى صبيانكم وراثة! وها قد تمّ له ما أراد! وما كان أفدح الثمن الذي غرمه المسلمون لتتحقّق إرادة أبي سفيان! يدخل أهل بيت النبوة قصر يزيد، تثقلهم أغلال الأسر والسبي، فلا تتحمّل نساء