وإنّ من شجاعتها الأدبية أنّها كانت تتحلّى بالصبر على ما انتابها من أحزان وآلام، وأن تتحكّم في مشاعرها، وتقوى على ضبط نفسها. واستطاعت أن تحتفظ برباطة جأشها على الرغم ممّا يعتمل في نفسها من أسىً ولوعة: كرمها وظرفها وأدبها وكانت كريمة سخيّة، تنفق ما لديها في سماح، وكم قصدها أصحاب الحاجات، فما ضاقت بأحد منهم ذرعاً. وقد عرفنا أنّها ضاقت ذرعاً ببخل زوجها زيد بن عمر العثماني، حتّى أدّى هذا الضيق إلى الفراق. كانت السيدة سكينة في نقدها للشعر ذوّاقة للأدب، وفي الوقت نفسه متصوّفة عفيفة. وكانت تجيد قول الشعر، إلاّ أنّ ما يؤثر عنها قليل، فمن ذلك قولها ترثي أباها (رضي الله عنه): إنّ الحسين غداة الطفِّ يرشقهُ *** ريبُ المنون فما أن يخطئ الحدقهْ أأُمّة السوء هاتوا ما احتجاجكمو *** غداً وجلّكم بالسيف قد صفقهْ الويل حلّ بكم إلاّ بمن لحقه *** صبرتموه لأرماح العدا درقهْ يا عين فاحتفلي طول الحياة دماً *** لا تبك ولداً ولا أهلاً ولا رفقهْ لكن على ابن رسول الله فانسكبي *** دماً وقيحاً وفي إثريهما العلقهْ[411] وهو شعر يتّفق مع طبيعة المرأة وأسلوبها. أمّا في نقدها للشعر فنذكر من أمثلته ما رواه صاحب الأغاني قال: اجتمع جرير والفرزدق وكثير وجميل ونصيب في ضيافة سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما، فمكثوا أياماً، ثم أذنت لهم فدخلوا عليها، فقعدت حيث تراهم ولا يرونها، وتسمع كلامهم.