من منغّصات، فحاولت أن تتناسى كلّ ذلك في ظلّ الأدب والشعر. لقد اتّهمها بعض الرواة بالتبذّل، ومجالسة الشعراء والمغنيّين!، وذلك كلّه مكذوب عليها.. فما كان لمثلها التي تناوبت الأحداث عليها، واصطلحت النكبات على غزو حياتها أن يكون لديها الفراغ للتبذّل الذي حاول هؤلاء الرواة إلصاقه بها. وقد ناقشت الدكتورة بنت الشاطئ ما ورد في سيرتها، وذلك في كتابها «موسوعة أهل البيت» قالت: إنّ كثيراً من الروايات التي تظهرها في مظهر التبذّل مختلقة مفتعلة، فقد كانت عن ذلك في شغل بمصرع والدها وإخوتها وذويها في كربلاء، وكانت قد شهدت هذه الموقعة الرهيبة.. هذا ولا يخفى أنّه كان لأبيها خصوم يحاولون التنقيص من قدر أهل البيت، وذريّة علي والحسين خاصّة، حتّى يغضّوا من منزلتهم في نفوس الناس. فلا يبعد أن يكون ما نسب إليها من ذلك من بعض أنصار هؤلاء الخصوم. ويدلّ على ذلك أنّ ما ورد من شعر في «الأغاني» ممّا يتّصل بالحوار الدائر بينها وبين الشعراء مضطرب النسب إلى أصحابه، كما يقول صاحب نور الأبصار[407]. ويدلّ على ذلك أيضاً قول الحصري في زهر الآداب[408]: وفي سكينة يقول عمر بن عبدالله بن أبي ربيعة كاذباً عليها، ثم يورد أبياتاً. فقد وصفه الحصري بالكذب والادّعاء، ولا نبرئ ابن ربيعة الشاعر المفتون بنفسه وشبابه من الكذب والافتراء، وقد عرف النقّاد عنه رقّة دينه، وكثرة عبثه، وغلبة مجونه. وقد انساق مع رواية هؤلاء المدّعين الدكتور زكي مبارك ـ غفر الله له ـ فذكر أنّ عمر بن أبي ربيعة قد تغزّل في سكينة بنت الحسين!! وهو كلام مردود بما قلناه، يضاف إليه أنّ الفترة التي شهدت شبيبة عمر بن أبي ربيعة كانت فيها سكينة لم تزل طفلة، وقد انشغل الحجاز بعده بالأحداث الدامية التي لم تترك فرصة لغزل متغزّل، فلمّا ترمّلت سكينة من زوجها مصعب، وكانت معه في العراق بعيداً عن الحجاز، ثم