فقال الشاب: أنا علي بن الحسين. فقال ابن زياد: أَوَ لم يقتل الله علي بن الحسين؟ قال الشاب: كان لي أخ أكبر منّي يسمّى علياً، قتله الناس. فقال ابن زياد: إنّ الله قتله! فقال الشاب: إنّ الله يتوفّى الأنفس حين موتها. فاغتاظ ابن زياد: وأمر بضرب عنقه، فتقدّمت إليه عمّته السيدة زينب فاحتضنته، وقالت: والله لا أفارقه، إن قتلته فاقتلني، فبهت ابن زياد وعمل على أن يتخلّص من هذه الورطة... ثم تراجع عن تنفيذ حكمه السابق بقتل ابن الامام الحسين. وكان لها إلى جانب ذلك العديد من المواقف الشجاعة الأخرى حتّى مع الخليفة!! يزيد بن معاوية نفسه، عندما قدمت إليه في دمشق مع رأس أخيها الإمام الحسين، ليس هذا فقط، بل وكان لشجاعتها بعد عودتها إلى المدينة دور كبير في إثارة مشاعر المسلمين ضدّ يزيد بن معاوية، بما كان ينذر بثورة عارمة ضدّه وضدّ رجاله، ويرى بعض المؤرّخين أنّ هذه الثورة ظلّت مشتعلة سواء في الحجاز أو في العراق، والتي وضعت بذرتها الأولى هي السيدة زينب في عام واحد وستّين من الهجرة، وقد أخذ نطاق هذه الثورة يتّسع حتّى أفلت الزمام من يد بني أُمية في عام 132 هـ ، فتولّى الخلافة من بعدهم بنو العباس بن عبدالمطلب عمّ النبي (صلى الله عليه وآله). أمّا عن علمها وورعها، فيقول عنه الجاحظ في كتابه البيان والتبيين: إنّها كانت تشبه أُمّها لطفاً ورقّةً، وتشبه أباها علماً وتقوىً. فقد كان لها مجلس علم حافل تقصده جماعة النساء اللواتي يردن التفقّه في الدين; لذلك كانت ـ بحقّ ـ عقيلة بني هاشم، كما كانت تلقَّب[304]. وحتّى عندما اختارت مصر للإقامة بها، بعد أن خيّروها في منفىً اختياري بدلاً