والتقوى، كذلك أخواها الكبيران: الإمام الحسن والإمام الحسين رضي الله عنهما. ومن أخصّ صفات هذه السيدة الطاهرة: الوفاء، حيث حفظت عهد والدتها السيدة فاطمة ابنة النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله). وممّا يروى في هذا السياق أنّ والدتها رضوان الله عليها ورغم صغر سنّ ابنتها السيدة زينب، إلاّ أنّها قد أوصتها خيراً بكلٍّ من أخويها: الحسن والحسين، وأن تكون بعدها أُمّاً لهما، فقامت بتنفيذ هذه الوصية خير قيام طوال حياتها، حتى أصبح هناك نوع من التلازم بين قصّة حياة هذين الإمامين الجليلين، وبين قصّة حياة هذه السيّدة الفاضلة، من حيث التفاصيل والأحداث، خاصّةً الأحداث التي حضرها أخوها الإمام الحسين (رضي الله عنه)، والتي انتهت بمقتله ورحيلها وأُسرتها إلى المدينة المنوّرة، ثم اختيارها مصر كمنفىً آمن لها ولأُسرتها، بعدما واجهت القسوة في المعاملات وهي تعيش في المدينة من بعد حادث كربلاء. وقد علّمتها المصائب: الشجاعة وحسن التصرّف، ولها العديد من المواقف التي أظهرت فيها شجاعتها بقوة. وممّا يروى في هذا السياق... أنّه لمّا استشهد أخوها الإمام الحسين على مرأىً ومشهد منها، لم تجزع، ولم تولول كبقية النساء في مثل هذه المواقف، بل تذرّعت بالصبر والشجاعة والرضا بقضاء الله وقدره، وقالت: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللّهم تقبّل منّا هذا القليل من القربان». وممّا يروى كذلك عن شجاعتها وقوّة نفوذها على أهل الباطل... أنّه لمّا وصلت هي وسيدات أهل البيت مع رأس الإمام الحسين إلى الكوفة، ومثلت أمام عبيدالله بن زياد، لاحظت أنّه كان ينظر إليهنّ نظرة التشفّي والتهكّم، فلم يسعها إلاّ أن أنذرته بسوء ما سيلقاه هو ورجاله يوم القيامة، جزاء خيانتهم وغدرهم بأخيها الإمام الحسين وصحبه، كما أسمعته من العبارات الحادّة والكلام الشديد ما لم يعتدّ أن يسمعه من أعظم الرجال شجاعةً وأقواهم بأساً، فخاف أن يسترسل في إساءاتها، وحوّل مجرى الحديث إلى شاب كان بجانبها وسأله: من أنت؟