وتتوالى التفصيلات، ويخرج الحسين من المدينة مع أهله إلى مكّة، وهناك تأتيه كتب الكوفة تستحثّه على القدوم لمبايعته، والتصدّي معه لعدوان يزيد: «... إنّ الناس ينتظرونك لا رأي لهم غيرك... العجل العجل... فأقدم إذا شئت فإنّما تقدم على جند مجنّد لك!»[295]. فيرسل إليهم ابن عمه الوضيء مسلم بن عقيل، فإذا بهم يتخاذلون حين تأتيهم فتنة عبيدالله بن زياد! ويقتل عبيدالله بن زياد مسلم بن عقيل رسول الحسين، ومعه من آواه: هاني بن عروة المرادي، وهو يقسم: قتلني الله إن لم أقتلك قتلةً لم يقتلها أحد في الإسلام![296] ثم يسير بالظلم يجمع الولاء ليزيد: يقتل عشوائياً في جاهلية وضراوة، لتخاذل الناس خوفاً وهلعاً، ويعمّ العراق جوّ قاتل رهيب من الفزع والذعر! بينما الحسين في مكة يستعدّ للتحرّك إلى خلفائه الذين أهابوا به أن يعجل بالمجيء إلى العراق! ويتوسّل إليه أحبّاؤه بمكّة، ألاّ يذهب إلى أهل الغدر، الذين خذلوا أباه وأخاه من قبل، ويقول قائل: «... فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أُمية ليقتلنّك، ولئن قتلوك لايهابون أحداً أبداً!». والحسين يستخير الله، وقدر الله سابق، فقد شاء الله أن يهلك يزيد وجنده بقتلهم الحسين، وينجو الحسين وأهله بالاستشهاد على طريق دين الله! ويقول الحسين: ـ «ألا ترون الحقّ لايُعمل به، والباطل لايُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله