ووقف الحسن يقول في رثائه: «... والله ما ترك ذهباً ولا فضّة...»[288]. * * * على أثر استشهاد الإمام علي بايع أهل العراق الحسن، لكنّ خلافته لم تدم أكثر من ستّة أشهر، آثر الإمام الحسن بعدها، حقناً لدماء المسلمين، أن يتركها لمعاوية; حتّى تكفّ الفتنة، وتهدأ الأطماع، لكن هل تشبع لبني أُمية بطن؟! يستشهد الحسن مسموماً على يد زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس، بعد أن يرسل إليها معاوية يقول: إنّي مزوّجك يزيد ابني، على أن تسمّي زوجك الحسن بن علي! لكنّه لايزوّجها يزيد خوفاً على حياته من مسممة الأزواج، ويعطيها بدلاً عن ذلك مائة ألف درهم!! وكان هدفه من وراء قتل الإمام الحسن تمهيد الطريق لأخذ البيعة ليزيد في حياته، كاسراً لنظام الشورى الإسلامي إلى وراثة قيصرية; لتكون ملكاً عضوضاً لبني أُمية دون المسلمين أجمعين، ومن فيهم من أفذاذ بيت النبوّة، وليبدأ أول انحراف أساسي في تاريخ الحكم الإسلامي; ليفرخ فيما بعد المزيد والمحزن من الانحرافات. * * * ويتصدّى الحسين: لا مبايعة ليزيد! وتتسارع الأحداث نحو النبوءة التي أخبر بها رسولنا المفدّى، وأبكته البكاء المرّ، قبل حدوثها بما يزيد على نصف قرن. عن أنس بن مالك: أنّ ملكاً... استأذن ربّه أن يأتي النبي (صلى الله عليه وآله)، فأذن له، فقال لأم سلمة: أملكي علينا الباب لايدخل علينا أحد، قال: وجاء الحسين ليدخل، فمنعته، فوثب فدخل، فجعل يقعد على ظهر النبي وعلى منكبه وعلى عاتقه، قال: فقال الملك للنبي: أتحبّه؟ قال: نعم، قال: أما إنّ أُمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان