نفسي بيده، لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهأنذا أقاتل بها اليوم!»[286]. وتتحقّق نبوءة النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ علياً سيقاتل قريشاً في سبيل الله: «... يا معشر قريش لتنتهنّ أو ليبعثنّ الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن الله قلبه على الإيمان». قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: «هو خاصف النعل» وكان قد أعطى علياً نعله يخصفها. أخرجه الترمذي عن ربعي بن حراش، وأخرج مثله أحمد[287]. ويقف علي مبدئياً حاسماً، لايخشى في الله لومة لائم، ويعلنها: «والله لاأُداهن في ديني، ولاأعطي الرياء في أمري». ـ «أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟ لا والله، لن يراني الله متّخذ المضلّين عضداً...». ـ «ما لي ولقريش، أما والله لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنّهم مفتونين، والله لأبقرنّ الباطل حتّى يظهر الحقّ من خاصرته، فقل لقريش فلتضجّ ضجيجها!». وتقضي زينب سنوات خلافة أبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الكوفة من 35 هـ إلى 40 هـ ، وهو في بحر متلاطم من الصراعات والمؤامرات والفتن، والكوفة معه، كما ستكون مع بنيه، مسرفة في الوعود، متخاذلة في الأفعال، ناكثة عهودها! حتّى تأتي ضربة عبدالرحمن بن ملجم في 19 رمضان عام 40 هـ لتقضي على الإمام الشهيد بعد يومين، فينتقل إلى الرفيق الأعلى، لاحقاً بحبيبه وأخيه ونبيّه ورسوله (صلى الله عليه وآله) في 21 رمضان عام 40 الهجري، ووصيّته: «يا بني عبدالمطلب، لاتخوضوا دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين، ألا لاتقتلنّ بي إلاّ قاتلي. انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه، فاضربوه ضربةً ولاتمثّلوا به، فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: «إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور».