إنّ ربّاً كفاك ما كان بالأمس *** سيكفيك في غد ما يكونُ فادرأ الهمّ ما استطعت عن النفـ *** س فحملانك الهموم جنونُ! وتقول: «خفِ الله لقدرته عليك، واستحِ منه لقربه منك!». وتنقل عن أبيها: «نعم الحارس الأجل!» حين ينصحه ناصح بأخذ حارس يحميه من الخوارج. وتردّد عنه:« ثلمة الدين موت العلماء!». و«شرّ الولاة من خافه البريء». و«خابت صفقة من باع الدنيا بالدين!». و«يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم!». وتتحاور مع أبيها الإمام فتسأله: أتحبّنا يا أبتاه؟ فيردّ قائلاً: وكيف لاأحبّكم وأنتم ثمرة فؤادي؟! فتقول وكأنّها قد أمسكت عليه خطأً: يا أبتاه، إنّ الحبّ لله تعالى، والشفقة لنا! محفوفة مبجّلة بأبيها وأخويها إذا أرادت الخروج، وغالباً لزيارة قبر جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، خرجت ليلاً متدثّرة بالحجاب الساتر الكامل، من الرأس حتّى القدم، والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها، والإمام علي أمامها، فإذا اقتربت من القبر الشريف، سبقها أبوها فأخمد ضوء القناديل; خشية أن ينظر أحد إلى عقيلة بني هاشم: زينب[284]. هذه الصورة الممعّنة في الحرص الشديد على التستّر والتحجّب في عزوة الأب والأخوين، أحبّ الناس إلى رسولنا المفدّى، تواجهها بقسوة صورتها بعد مذبحة كربلاء، وهي مقصوصة الأب والإخوة، وكلّ رجال ومحارم بيتها، منزوعة الستر، محترقة الخباء، منهوبة المتاع، منتهكة الحرمة، يسوقها رجال عبدالله بن زياد، مكشوفة الوجه،