من قيد أو حُبس أو تهدّد فلا إقرار له. فخلّى عمر سبيلها[282]. ويزوّجها أبوها الإمام علي من ابن عمها عبدالله بن جعفر، الذي قال عنه فقراء المدينة: ما عرفنا ما السؤال إلاّ بعد وفاة عبدالله بن جعفر! وكان والده هو جعفر بن أبي طالب، الذي اشتهر باسم «جعفر الطيّار» إذ بشّر الرسول صلوات الله عليه أرملته بعد استشهاده بأنّ الله قد أعطاه جناحين في الجنّة; ثواباً لقتاله، حاملاً الراية في غزوة مؤتة في جهاد أمر به الرسول المفدّى ضدّ الروم، وظلّ جعفر يقاتل حاملاً الراية حتّى قُطعت يداه واستشهد، وبه ما يزيد عن التسعين طعنة! وأنجبت السيدة زينب من عبدالله بن جعفر: محمداً المسمّى بجعفر الأكبر وإخوته عون الأكبر، وعلي الأكبر، وأُمّ كلثوم، وأم عبدالله، وقد توفّوا جميعاً دون عقب، إلاّ علي الأكبر وأم كلثوم، فكان منهما ذرّية عقيلة بني هاشم[283]. إلاّ أنّنا، مع أخبار هذا الزوج والأبناء، لانراها إلاّ في إطار الابنة للإمام علي، والأم الملازمة لأخويها: الحسن والحسين، سيدي شباب أهل الجنّة، وقرّة عين نبيّنا المفدّى، حافظة لوصيّة أُمها الزهراء، منذ كانت في السادسة من عمرها. وعندما نراها في هذا الإطار، نجدها: العالمة، المتفقّهة، الدارسة، القارئة، الحافظة لكتاب الله العزيز، المتأمّلة في آيات الله، الزاهدة المتحرّجة من حلال الدنيا، المتصدّرة لمجالس العلم النسائية، تروي الحديث عن أُمّها وأبيها وأخوَيها، وعن أُم سلمة وأُم هانئ، والمروي عنها من ابن عباس، وعبدالله بن جعفر، وعلي زين العابدين، وفاطمة بنت الحسين، والساهرة ليلاً تتهجّد: مسبِّحة، داعيةً، ناطقةً بالخير والمأثورات، تقول أبياتها الشهيرة: سهرت أعين ونامت عيون *** لأُمور تكون أو لاتكونُ