ووراءك يا زينب كربلاء، كرب وبلاء، لتوّك تركتها: مصّاصة دم شريف، وآكلة أجساد عطرة: «... ثلاثة وسبعون شهيداً ثبتوا أمام أربعة آلاف حتّى قُتلوا عن آخرهم»! عون ابن زوجها عبدالله بن جعفر وأخوه محمد، وإخوتها من أبيها، أولاد علي: العباس، وجعفر، وعبدالله، وابنا أخيها الحسن: أبو بكر والقاسم، وبنو عمّها عقيل: جعفر، وعبدالرحمن، وعبدالله، وغيرهم، وعلى رأسهم جميعاً سبط الرسول: الحسين، استشهد الجميع بين ذراعيها وهي تقول: «اللّهم تقبّل منّا هذا القليل من القربان»! هطل الجور والعسف، وغرور الدنيا على أرض كربلاء مطراً نجساً، ترتوي منه بذور حقد جاهلية، كان الإسلام قد دفنها طيّ سماحته حين كانت: «اذهبوا فأنتم الطلقاء!» حمامة يطلقها الرسول (صلى الله عليه وآله) لترفرف بالرحمة فوق الثأر، وفوق عدل القصاص! وكان حتماً أن يروي مطر الجور بذرة الحقد القديم، فتينع كربلاء! وكربلاء بذرة كانت في صلب الاستهزاء الفظّ بالنبي الكريم، وتكذيبه، وإيذائه بكرش البعير! كربلاء كانت سطراً في حلف قريش الذي فرض حصار الجوع والعطش على العصبة المؤمنة في شعب أبي طالب. وكربلاء كانت رنيناً في صرخة أبي جهل: «تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتّى إذا تجاثينا على الركب وكنّا كفرسي رهان، قالوا: منّا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى تدرك هذه؟! والله لانؤمن به أبداً ولانصدّقه»! وكربلاء كانت في نفر القبائل الذي اجتمع ليقتل محمد بن عبدالله، الذي ظنّوه نائماً، فإذا النائم علي بن أبي طالب، المفتدي بروحه حياة نبيّه ورسوله ومربّيه، ابن عمّه وأخيه: محمد الأمين (صلى الله عليه وآله). وكربلاء كانت رمحاً في قتلة الغدر بحمزة يوم أُحد!