ـ وما عليّ لو احتملت الأذى، وأنزلت الحسين معي في داري، وحكمته فيما يريد وإن كان في ذلك وهن في سلطاني; حفظاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورعايةً لحقّه وقرابته، لعن الله ابن مرجانة فإنّه اضطرّه، وقد سأله أن يضع يده في يده أو يلحق بثغر حتّى يتوفّاه الله، فلم يجبه إلى ذلك فقتله، فبغّضني بقتله إلى المسلمين، وزرع في قلوبهم العداوة، فأبغضني البرّ والفاجر بما استعظموه من قتل الحسين، مالي ولابن مرجانة، لعنه الله وغضب عليه. بيان الحقيقة واجب كأنّي بالقارئ الكريم وهو يطالع فصول هذه المأساة الأليمة التي روّعت الأمة الإسلامية، وصدعت قلوب أبنائها في القرن الأول الهجري، كأنّي بالقارئ الكريم وقد ارتسم على وجهه من علامات الاستفهام ما ينمّ عن حزن عميق، وحيرة شديدة ودهشة بالغة، تثير في خاطره سيلاً من الأسئلة عن هذا الذي حدث لبيت النبوّة، كيف حدث أنّ أهل البيت قد أشاد الله تعالى بذكرهم، وأثنى في القرآن الكريم عليهم، فكيف تعرّضوا للقتل والإبادة بتلك الصورة البشعة التي تقشعرّ الأبدان من هولها؟ وأين ما تكفّل الله به لأوليائه من رعايتهم وحمايتهم ونصرتهم؟ ومن أولى من الحسين وأهل بيته رضي الله تعالى عنهم جميعاً بتلك الرعاية، وتلك الحماية، وتلك النصرة؟! ألا هوّن عليك أيها القارئ الكريم، فإنّ الله تعالى لم يرد بالإمام الحسين وأهله الطيّبين الطاهرين إلاّ خيراً، إنّه تعالى أراد أن يجعلهم في مستوىً مع أنبياء بني إسرائيل ورسلهم، وهؤلاء قد طغى الظلمة والجبّارين من اليهود عليهم، فأمعنوا فيهم قتلاً وتمزيقاً، وتحريقاً وإبادةً. فقتلوا زكريا ويحيى وشيعاء وأرمياء وعدداً كبيراً من كرام الأنبياء.