العقيلة السيدة زينب رضي الله تعالى عنها، فأعاد تساؤله ثلاثاً دون أن تردّ عليه. فقال بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبنت الإمام علي كرّم الله وجهه[231]. فقال متشفّياً فيها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أُحدوثتكم! فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنّما يفتضح الفاجر، ويكذَّب الفاسق، وهو غيرنا. فلم يصبر اللعين ابن زياد على قولها، بل ردّ عليها قائلاً: كيف رأيت صنع الله في أهل بيتك وأخيك؟! وهنا تتجلّى كلّ معاني الإيمان والصبر والشجاعة، فتردّ عليه بقولها: ما رأيت إلاّ خيراً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاجّ وتُخاصَم، فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أُمك يا بن مرجانة. فأثار هذا الردّ الحازم الحاسم حفيظة اللعين ابن زياد، واستشاط غيظاً وغضباً، فقال له عمرو بن حُريث: أصلح الله الأمير، إنّما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها، إنّها لاتُؤاخذ بقول، ولاتُلام على خطل. ولكنّ اللعين ابن زياد ظلّ غاضباً محنقاً، فردّ على السيدة الطاهرة بقوله: لقد شفى الله قلبي. فقالت: قتلت كهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي. فردّ عليها اللعين ابن زياد قائلاً: هذه سجّاعة، ولعمري لقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً! فقالت: يا بن زياد، ما للمرأة والسجاعة، وإنّ لي عن السجاعة لشغلاً، وإنّي لأعجب ممّن يشتفي بقتل أئمته، ويعلم أنّهم منتقمون منه في آخرته[232].