رحم الله امرءاً قبل نصيحتي ووصيتي في الله وفي رسوله وأهل بيته، فإنّ لنا في رسول الله أسوةً حسنة. فقالوا جميعاً: سامعون مطيعون، حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد ونبرأ ممّن ظلمك وظلمنا، فقال رضي الله تعالى عنه: هيهات هيهات! أيّها الغَدَرة المَكَرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلى أبي بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينس ثكل رسول الله (صلى الله عليه وآله)وثكل أبي وبني أبي، ووجده[227] بين لهاتي[228]،ومرارته بين حناجري، وغصصه في فراش صدري؟ ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا، ثم قال: غمز وإن قتل الحسين فشيخه *** قد كان خيراً من حسين وأكرما فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي *** أصاب حسيناً كان ذلك أعظما قتيل بنهر الشط روحي فداؤه *** جزاء الذي أرداه نار جهنّما ثم قال: رضينا منكم رأساً برأس، فلا يوم لنا ولا علينا. * * * ولمّا أُدخل أهل البيت النبوي الكريم ومن معهم إلى حيث اللعين عبيدالله بن زياد والي الكوفة من قبل يزيد بن معاوية، والذي كان حرباً على أهل البيت، وكرهه الشديد للإمام الحسين (رضي الله عنه)، لمّا أُدخلوا إلى هذا المكان تذكّرت السيدة العقيلة زينب رضي الله عنها تلك القاعة التي يجلس فيها قاتل أخيها وأهلها وأنصارهم، بعد أن كان يجلس فيها ـ من قبل ـ أبوها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه. دخلتها السيدة العقيلة زينب هذه المرّة وقلبها متصدّع من الحزن والأسى من أثر