سوءة، ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه! ويلكم، أتدرون أيّ دواه دهتكم، وأيّ وزر على ظهوركم حملتم، وأيّ كريمة أصبتموها، وأيّ أموال انتهبتموها؟ قتلتم خير رجالات بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ألا إنّ حزب الله هم الفائزون، وحزب الشيطان هم الخاسرون. ثم قالت: قتلتم أخي والله صبراً للؤمكم *** ستجزون ناراً حرّها يتوقّد سفكتم دماءً حرّم الله سفكها *** وحرّمها القرآن ثم محمد ألا فأبشروا بالنار أنّكم غداً *** لفي سقر حقاً يقيناً تخلدوا وإنّي لأبكي في حياتي على أخي *** على خير من بعد النبي سيولد بدمع غزير مستهلٍّ مكفّف *** على الخدّ منّي دائباً ليس يجمد فضجّ الناس بالبكاء والعويل. ثم قام زين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما، وأومأ للناس أن اسكتوا، وقال بعد حمد الله والثناء عليه: أيها الناس، من عرفني فكفى، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات بغير ذحل[226] ولا تراث، أنا ابن من انتهك حريمه، وانتهب ماله، وسُبي عياله، وقُتل صبراً، وكفى بذلك فخراً، فأنشدكم الله هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي، وأعطيتموه العهد والميثاق فخذلتموه، فتبّاً لما قدّمتم، وسوأةً لرأيكم، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ يقول: قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي! فارتفعت الأصوات من كلّ ناحية، وقال بعض الناس لبعضهم: هلكتم وما تعلمون، فقال رضي الله تعالى عنه: