سمع رجلاً يقول في حضرته: إنّ المعروف إذا أُسدي إلى غير أهله ضاع! فقال الإمام الحسين: ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر، تصيب البرّ والفاجر! ومن أقواله المأثورة: * «إياك وما يعتذر منه، فإنّ المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق كلّ يوم يسيء ويعتذر». * «إعلموا أنّ حوائج الناس إليكم من نعم الله عزّ وجلّ عليكم فلا تملّوا النِعَم فتعود النقم». * «لاتتكلّف ما لا تطيق، ولاتتعرّض لما لاتدرك، ولاتعد بما لاتقدر عليه، ولاتنفق إلاّ بقدر ما تستفيد، ولاتطلب من الجزاء إلاّ بقدر ما صنعت، ولاتفرح بما نلت من طاعة الله، ولا تتناول إلاّ ما رأيت نفسك أهلاً له». * وعندما سأله رجل كيف أصبح، قال: «أصبحت ولي ربّ فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحبّ، ولاأدفع ما أكره، والأمور بيد غيري، فإن شاء عذّبني، وإن شاء عفا عنّي، فأيّ فقير أفقر منّي؟!»[203]. بهذا الأسلوب الجميل، وبهذه المعاني الراقية الفضفاضة، وبهذه التجلّيات التي تفوح بالإيمان والحكمة وفهم الحياة بما مرّ عليه من تجارب، وما تغلغل في أعماق نفسه من أنوار النبوة، كان الإمام الحسين صورةً تجسّد كلّ ما في الإسلام من قيم الحقّ والخير والجمال، والعدل والإيثار. وكان يعيش بالمادئ وللمبادئ، فلم يؤثر عنه المداهنة أو النفاق أو السعي وراء مغانم رخيصة، ولكنّه عاش وفي قلبه منهج القرآن، وسنّة جدّه (صلى الله عليه وآله)، فعاش حياته