ومن هذا مثلاً: أنّه روى عن أبيه وصفه للنبي (صلى الله عليه وآله) في جلساته، فقال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحّاش، ولا عيّاب ولا مشّاح، يتفاءل عمّا لايشتهي ولايؤيس منه، ولا يخيب فيه، فقد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكبار وما لايعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذّم أحداً ولايعيبه، ولايتطلّب عورته، ولايتكلّم إلاّ فيما رجا ثوابه. وإذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده أنصتوا إليه حتّى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتّى إن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتّى يجوز فيقطع بنهي أو قيام...». وهناك أحاديث كثيرة مسندة إليه، قد رواها عن أبيه أو عن أُمه ممّا سمعاه من خاتم النبيّين (صلى الله عليه وآله)[202]. رجل في مثل الحسين، وفي جمال خلقته، وجمال خُلُقه، وجمال تكوينه، وشخصيته التي تأثّرت بالبيئة النبوية، كان جديراً بأن يكون محبوباً عند الناس لأنّهم يعرفون قدره، ومحبوباً عند صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأنّهم يعرفون كم كان النبي (صلى الله عليه وآله) حفيّاً به، ومحبّاً له. وكان الإمام عالماً جليلاً... متفقّهاً في أمور دينه، وأصقلته تجارب الأيام.