اللّهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعاً بصيراً، ولك الحمد كما خلقتني سوياً، رحمةً بي، وقد كنت عن خلقي غنياً». وكان من دعائه أيضاً: «اللّهم أوسع عليَّ من رزقك الحلال، وعافني في بدني وديني، وآمن خوفي، وأعتق رقبتي من النار...». وما أكثر الأدعية التي وردت عنه، وتدلّ على نفس بالغة الصفاء، بالغة الشفّافية، تريد ما عند الله لا ما عند الناس. ومن أجلّ هذه الصفات والشمائل التي كان يتمتّع بها الإمام الحسين: أنّه كان قريباً إلى قلوب الناس، وكان يذكّرهم بنبيّهم العظيم، كلّما استمع إلى عظة من عظاته، أو خطبة من خطبه، أو مجلس علم يجلس فيه في مسجد جدّه العظيم يلقي درسه، فإذا الناس تستمع إليه وكأنّ على رؤوسهم الطير، فهم منتبهون إلى كلّ كلمة يقولها، أليس هو سليل بيت النبوة الطاهرة، وغصن الدوحة المباركة؟! مرّ يوماً على جماعة في مسجد جدّه (صلى الله عليه وآله) وكان فيهم عبدالله بن عمرو بن العاص، وعندما اشرأبّت الأعناق نحو الإمام الحسين، قال عبدالله بن عمرو بن العاص لهم: ألا أُخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا: بلى. قال: هذا الماشي... وأشار إلى الإمام الحسين![200]. شخصية لها كلّ هذا الجلال والعلم، الذي ورث بعضه عن جدّه العظيم نبي الإسلام محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله)[201]، وورث بعضه عن أُمه فاطمة الزهراء، فقد رويت على لسانه بعض الأحاديث التي سمعها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتي سمعها من أمه ومن أبيه.