قال: إنّه لا يجد فيه ما يعيبه، حتّى أنّ رجلاً سأل معاوية أين يجد الحسين؟ فقال معاوية: إذا دخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأيت حلقةً فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبدالله الحسين[199]. ويروي الرواة عن سخائه وكرمه وجوده، وحسن معاملته للناس، كما يتحدّثون عن كثرة صيامه وصلاته، وأنّه حج خمساً وعشرين مرةً ماشياً على قدميه، وكان دعاؤه في الحج وهو يمسك الركن الأسود: «إلهي، أنعمتني فلم تجدني شاكراً، وابتليتني فلم تجدني صابراً، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أدمت الشدّة بترك الصبر... إلهي، ما يكون من الكريم إلاّ الكرم...». وقد كان الإمام الحسين شديد التضرّع إلى الله، كثير الدعاء; لأنّ الدعاء يقرّب بين الإنسان وربّه، لا يجعل بين الله وعباده حجاباً، إنّ الإنسان يشعر وهو يرفع يديه إلى السماء ويناجي خالقه أنّ الله برحمته وجلاله ورأفته معه، فتستكين النفس، وتطمئنّ الروح، ويتوافق الإنسان فيما بينه وبين نفسه، فيعود إلى النفس صفاؤها، وطمأنينتها، لا يهمّها ما تواجه من صعوبات الحياة. وكان من أدعيته التي رواها عنه الرواة دعاؤه عندما يكون في عرفة، كان كثير الدعاء يدعو بقلب خاشع، وممّا كان يدعو به: «اللّهم اجعل غنائي في نفسي، واليقين في قلبي، والإخلاص في عملي، والنور في بصري، والبصيرة في ديني، ومتِّعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصري الوارثين منّي، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه ثأري ومأربي، وأقر بذلك عيني. اللّهم اكشف كربتي، واستر عورتي، واغفر لي خطيئتي، واخسأ شيطاني، وفكّ رهاني، واجعل لي الدرجة العليا في الآخرة والأولى.