وقد ساق الرواة حادثةً طريفةً تبيّن علمه وجوده وحبّه للمعرفة، والتبسّط مع الناس، ومعاملة كلٍّ على قدر عقله. جاءه أعرابي في حاجة، فما سأله عنها; وكتب الأعرابي حاجته على الأرض، هنا داعبه الإمام الحسين، وقال له: سمعت أبي يقول: «المعروف بقدر المعرفة» فأسألك عن ثلاث مسائل إن أجبت على واحدة فلك ثلث ما عندي، وإن أجبت على اثنين فلك ثلثا ما عندي، وإن أجبت الثلاث فلك كلّ ما عندي! وقد حملت اليَّ (صرة) من العراق. فقال الأعرابي: سل! ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله. فقال الإمام الحسين: أيّ الأعمال أفضل؟ فأجابه الأعرابي: الإيمان بالله. فقال الإمام الحسين: ما نجاة العبد من الهلكة؟ فأجابه الأعرابي: الثقة بالله. فقال الإمام الحسين: ما يزيّن المرء؟ فأجابه الأعرابي: علم معه حلم. فقال الإمام الحسين: فإن أخطأه ذلك؟ فأجابه الأعرابي: مال معه كرم. فقال الإمام الحسين: فإن أخطأه ذلك؟ فأجابه الأعرابي: فقر معه صبر. فقال الإمام الحسين: فإن أخطأه ذلك؟ فأجابه الأعرابي: صاعقة تنزل من السماء فتحرقه. فضحك الإمام الحسين وأعطاه الصرّة![198] وإذا كان الحقّ ما شهد به الأعداء، فقد كان معاوية يعرف للحسين قدره، حتّى