وقد نصحه والده الإمام علي (رضي الله عنه) بقوله في خطبة طويلة يحثّه فيها على ما ينبغي أن يكون عليه كشخص يراقب الله في سرّه وعلانيته، ويراقب الناس في خلقه، ويبصّره بالتجارب التي استفاد منها في حياته. ومن هذه النصائح الغالية التي استوعبها الإمام الحسين بلاشكّ: قول الإمام علي: «يا بني، أُوصيك بتقوى الله عزّ وجلّ في الغيب والشهادة، وكلمة الحقّ في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الصديق والعدوّ، والعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله تعالى في الشدّة والرخاء... يا بني، ما شرّ بعده الجنّة بشرّ، ولا خير بعده النار بخير، وكلّ نعيم دون الجنة محقور، وكلّ بلاء دون الناس عافية... واعلم يا بني، إنّ من أبصر عيب نفسه شغل عن غيره، ومن تعرّى من لباس التقوى لم يستتر بشيء من اللباس أبداً، ومن رضي بقسم الله تعالى لم يحزن على ما فاته، ومن سلّ سيف البغي قُتل به، ومن حفر بئراً لأخيه وقع فيها، ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، ومن كابد الأمور عطب، ومن اقتحم الغمرات غرق، ومن أعجب برأيه ضلّ، ومن استغنى بعقله ذلّ، ومن تكبّر على الناس ذلّ، ومن سفّه عليهم شُتم، ومن دخل مداخل السوء اتُّهم، ومن خالط الأنذال حُقِّر، ومن جالس العلماء وُقِّر، ومن فرح استُخفَّ به، ومن أكثر من شيء عُرف به، ومن كثر كلامه كثر خطأه، ومن كثر خطأه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار». إلى آخر هذه النصيحة الغالية التي ركّز فيها الإمام علي على الفضائل الإنسانية، ونهى فيها عن الرذائل التي تفقد الإنسان وزنه في دنيا الناس، والتي اختتمها بقوله: «واعلم يا بني... من لانت كلمته وجبت محبّته، ومن لم يكن له حياء ولا سخاء فالموت أولى به من الحياة... لا تتمّ مروءة الرجل حتّى لايبالي أيّ ثوبيه لبس، ولا أيّ طعاميه أكل. وفّقك الله لرشده، وجعلك من أهل طاعته بقدرته إنّه جواد كريم».