هذه الزخارف عملت بعد اثنتي عشرة سنة من العمارة التي قام بها عبدالرحمان كتخدا. على أنّ أقدم أجزاء الضريح هو الباب الذي يُعرف بالباب الأخضر، ويقع بالقرب من الركن الجنوبي للضريح، وبالركن الجنوبي الغربي بالنسبة لجدار القبّة، وهو عبارة عن حائط طوله 92/4 متر وارتفاعه 85/5 متر، تخترقه بوّابة مستطيلة الشكل عرضها 89/1 وارتفاعها 33/2 متر. ويعلو البوابة عقد عاتق به حنية، بداخلها دائرة مفرغة بزخارف دقيقة، وتعلوها بقايا شرافات جميلة، وتشبه هذه البوابة وزخارفها باب جامع الأقمر[190]. ولذا فإنّ «كرزويل» يرجع هذا الجزء إلى آخر العصر الفاطمي، ومعنى ذلك: أنّ هذا الجزء يرجع تاريخه إلى تاريخ مجيء الرأس الشريف إلى مصر تقريباً، وقد عرف هذا الباب باسم «المحسنين» كما ورد في خريطة الحملة الفرنسية، أمّا الآن فإنّه يعرف بالباب الأخضر. وفوق هذا الباب توجد مئذنة قصيرة ترجع إلى العصر الأيوبي، فقد ثبت عليها لوحة تذكارية مؤرَّخة 634 هـ ، وسبقت الإشارة إليها، والمئذنة مبنية بالآجر، وتتكوّن من مربّع طول ضلعه 50/2 متر، وارتفاعه 76/12 متراً ينتهي بقاعدة مثمَّنة الشكل، تقوم عليها الدورة الثانية للمئذنة، وهي مثمَّنة الشكل، وارتفاعها 50/2 متر، وفي كلّ وجه من أوجه المثمَّن توجد فتحة طويلة، ويعلو هذه الدورة رقبة مثمَّنة تعلوها قبّة مضلّعة يبلغ ارتفاعها مع الرقبة 30/2 متر، وعلى ذلك يكون ارتفاع المئذنة كلّه 5/17 متر. أمّا مربّع القبّة من الداخل فقد كُسيت واجهته المطلّة على المسجد بالرخام الدقيق المطعَّم بفسيفساء من الصدف، وكذا غطّي محيطها من الداخل بالرخام والصدف في رسوم هندسية غاية في الدقّة والإبداع، وترجع هذه الآثار الرخامية والصدفية إلى القرن الثامن الهجري. أمّا الأجزاء العليا من مربّع القبّة فقد زخرف بنقوش زيتية مذهَّبة تشبه تلك التي نقشت على القبّة نفسها، وكلّها ترجع إلى القرن الثاني عشر الهجري، ثم جدِّدت هذه النقوش سنة ستّ عشرة بعد الثلاثمائة والألف، وقد سجِّل على الباكية الشريفة ما يأتي: ركن هذا المقام جنّة عدن فما *** من أتاه يفوز بالمأمول ركن هذا المقام ركن سديد *** نال فيه الداعون حسن القبول ركن هذا المقام كعبة مصر *** زاد مجداً بالسيد ابن البتول ركن هذا المقام حاز فخاراً *** بالإمام الحسين سبط الرسول وتحتوي القبّة على أربعة أبواب، بابين في الجهة الغربية يؤدّيان إلى المسجد،