العمد الرخام من القسطنطينية، وثلاثة أبواب مبنية من الرخام الأبيض جهة خان الخليلي، ومثلها الباب الأخضر الذي بجوار القبّة، وبالجامع منبر خشبي بديع مطليّ بطلاء مذهَّب، وهو في الأصل منبر جامع «أزبك» الذي كان عند العتبة الخضراء، فلمّا تخرّب المسجد نقل إلى مشهد الحسين، وفي مؤخّرة المسجد دكّة تبليغ كبيرة، أمّا صحن الجامع فيحتوي على أربعة وأربعين عموداً عليها بوائك حاملة للسقف، وهو من الخشب المطليّ بزخارف نباتية وهندسية متعدّدة الألوان، ومذهَّبة غاية في الدقّة والإبداع، وفي وسط السقف ثلاثة مناور مرتفعة مسقوفة كذلك، وبجدران المسجد الأربعة يوجد ثلاثون شبّاكاً كبيراً من النحاس المطليّ بالذهب، ويعلوها شبابيك أخرى صغيرة دوائرها من الرخام. وللمسجد مئذنتان: إحداهما قصيرة وقديمة، وهي التي بناها أبو القاسم ابن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور سنة 634 هـ (1236م) فوق القبّة ـ كما سبق أن أشرنا ـ وقد طوّقتها لجنة حفظ الآثار بحزامين من الحديد محافظةً على بقائها. أمّا المئذنة الثانية فتقع في مؤخّر المسجد، وهي مرتفعة ورشيقة على الطراز العثماني الذي يشبه المسلّة أو القلم الرصاص، وعليها لوحان بخطّ السلطان عبدالمجيد خان، كتبهما سنة 1266 هـ ، بأحدهما سورة الأنعام الآية (90): (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ). والآخر: «أحبّ أهل بيتي إليَّ: الحسن والحسين»[188]. كذلك فرشت أرضية مصلّى الباب الأخضر بالسجّاد والبسط التركية، وبشرقي المسجد باب موصل إلى قاعة الآثار النبوية، التي أنشأها عباس حلمي الثاني سنة 1311 هـ بعد أن بقيت هذه الآثار ستّ سنوات محفوظة في الدولاب الجميل الذي