الذي به المحراب والمنبر يكون بحذاء جدار القبّة الذي به محرابها، بحيث يكون الجداران واحداً، والحدّ الرابع الذي يلي خان الخليلي هو الذي له الآن، وجعلت الصحن والحنفية عن يمين الجدار الأيمن، أعني في محلّ الإيوان القديم بجوار عمارة العناني، وتكون عن يمين ذلك المطهرة والساقية بحيث يؤخذ لها بعض من عمارة العناني، فيكون الجامع آمناً من انعكاس الروائح إليه. وفي الرسم صار الضريح الشريف خارجاً من الجامع في الزاوية التي عن يمين المحراب، داخلاً في الصحن من جهته اليسرى، وجعلت للضريح باباً إلى الجامع، وباباً إلى الصحن، وباباً إلى شارع الباب الأخضر لزيارة النساء، وجعلت سعة الشارع في غربيّه وشرقيّه نحو ثلاثين متراً، وفي بحريّه نحو أربعين». أمّا الذي قام بتنفيذ المشروع فكان راتب باشا، إذ كان ناظر الأوقاف يومئذ، فقد تسارع في بناء المسجد جميعه ما عدا القبّة والضريح الشريف، وتمّ البناء سنة 1290 هـ ، أمّا المنارة فقد تمّت سنة 1295 هـ . غير أنّ راتب باشا لم يلتزم برسم علي مبارك، ولذلك فإنّه انتقده نقداً لاذعاً ـ وهو محقّ في ذلك ـ يقول: «إنّ راتب باشا بنى الجامع غير قائم الزوايا، فإنّ ضلعه الأيمن قصير عن ضلعه الأيسر، وكذا الضلعان الآخران غير متساويين، بحيث أوجب ذلك وضع الأساطين منحرفة، بحيث لو وافقتها صفوف المصلّين كما هو العادة لانحرفوا عن القبلة، ولو سامتوا القبلة كما هو المطلوب لقطعوا صفوف الأساطين، وصار الجامع مع سعته وارتفاعه غير مستوف لحقّه من النور والهواء; لسوء رسم الأبواب والشبابيك، وعدم أخذها حقّها من الارتفاع والاتّساع مع قلّتها وقلّة الملاقف». وقد تكلّفت هذه العمارة ـ على حدّ قول على مبارك ـ تسعاً وسبعين ألف جنيه صُرفت من خزينة الأوقاف، هذا عدا ماتبرّع به الأُمراء وعليّة القوم، فقد أحضرت له