الكثيرون. ومع ذلك فإنّ إبراهيم ثبت في عدد قليل من أنصاره، حتّى أُصيب بسهم في حلقه، فأنزلوه وهو يقول: «وكان أمر الله مقدوراً، أردنا أمراً وأراد الله غيره». وبسرعة حمل عيسى بن موسى على إبراهيم ومن بقي معه، وكان عددهم سبعين رجلاً، فتفرّق عنه حتّى أنصاره. وجاء ابن قحطبة ـ من قوّاد عيسى بن موسى ـ فاحتزّ رأس إبراهيم وأرسله للمنصور في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائة. يقول د. حسن إبراهيم حسن في كتابه «تاريخ الإسلام السياسي»: «كانت هزيمة إبراهيم بسبب تقسيمه جيشه إلى كراديس يقدّم منها إلى المعركة كردوساً، فإذا انهزم قاد آخر، وهكذا، بمعنى أنّ إبراهيم لم يقاتل بجيشه صفّاً واحداً... بالإضافة إلى أنّ الخطّة التي رسمها مع أخيه النفس الزكية في المدينة المنوّرة لم تنفّذ، وهي خطّة كانت تهدف بدء القتال في المدينة والكوفة في وقت واحد، وقيل: إنّ تأخّر إبراهيم في بدء القتال يرجع إلى مرضه. وقيل أيضاً: إنّ تعجّل أخيه محمد للحرب كان سبب الهزيمة، ولو خرج الأخوان في وقت واحد لحرب قوات المنصور، لتغيّر وجه التاريخ»[154]. هزّ مقتل سيدي إبراهيم ـ شهيد باخمرى ـ أركان دولة العباسيّين هزّاً عنيفاً، وكاد يصدع أركانها، حتّى أنّ المؤرّخ الحافظ الذهبي يقول: «إنّ الخليفة العباسي المنصور مكث لا يقرّ له قرار، فجهّز العساكر، ولم يأو إلى فرش خمسين ليلة، وكلّ يوم يأتيه فتق في ناحية»[155]. والمقصود بالفتق هنا هو الهَبّات والثورات على الحكم العباسي. ويضيف الذهبي عن المنصور العباسي: «...ولولا السعادة لثلّ عرشه بدون ذلك، فلو هجم إبراهيم بالكوفة لظفر بالمنصور، ولكنّه كان فيه ديّن ـ أي إبراهيم ـ قال: