أخاف إن هاجمتها يُستباح الصغير والكبير، وكان أصحابه يختلفون عليه»[156]. والواقع أنّه من بين أسباب هزيمة إبراهيم ـ خلافاً لما ذكرنا ـ أنّ الخليفة المنصور استطاع أن يحتفظ بالكوفة; لأنّها موقع استراتيجي، وأثناء ثورة إبراهيم ألزم الناس بلبس السواد، وجعل يقتل كلّ من اتُّهم بالتعاون والتعاطف مع العلويّين، ويحبسه. ولو أنّ سيدي إبراهيم سيطر على الكوفة بجانب البلدان التي ذكرناها لتغيّرت المقادير، خاصّةً وأنّ محمداً النفس الزكية وإبراهيم بعد أن خرجا بعثا بإخوتهما وأبناء عمومتهما إلى الأمصار الإسلامية ليأخذوا البيعة لمحمد. ففي مصر ـ كما يقول «ابن ظهيرة» في كتابه «الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة» ـ : «وفي أيام يزيد بن هاشم والي مصر من قبل الخليفة المنصور، ظهرت بمصر دعوة بني الحسن بن علي بن أبي طالب، وتكلّم بها الناس، وبايع منهم لبني الحسن في الباطن، وماجت الناس بمصر، وكاد أمر بني الحسن أن يتمّ، والبيعة كانت باسم علي بن محمد بن عبدالله، أي ابن محمد النفس الزكية أخي إبراهيم، وبينما الناس في ذلك، قدم يزيد برأس إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب في ذي الحجّة سنة خمس وأربعين ومائة، فنصب في المسجد أياماً»! وهذا يعني أنّ مصر، كولاية إسلامية، لعبت دوراً خطيراً ومرموقاً في هذه الثورة العلوية، بل إنّ مصر، منذ أيام كربلاء وربّما قبلها، أيام الخلاف بين علي (عليه السلام)ومعاوية، أعلنت تعاطفها مع آل البيت، ولذلك فليس بغريب أن نجد الكثير من آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) مدفونين بمصر. * * *