بعيسى، ثمّ دخلوا الغار، فأخذوا الذي دلّ على عيسى، فعدوا عليه فصلبوه، وأخذوا أصحاب عيسى فحبسوهم وعذّبوهم. فبلغ ذلك صاحب الروم، وكانت اليهود تحت يديه، فقيل له: إنّه كان في مملكتك رجل عدا عليه بنو إسرائيل فصلبوه وهم يعذّبون أصحابه، وكان يخبرهم أنّه رسول الله قد أراهم العجائب، وأحيى لهم الموتى، وأبرأ لهم الأسقام، وخلق لهم من الطين كهيئة الطير. فبعث ملك الروم إلى الحواريين، فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن دين عيسى، فأخبروه، فبايعهم على دينه، واستنزل الذي صلبه، فغيّبه وأخذ خشبته التي كان صلب عليها، فأكرمها وطيّبها، وعدا على اليهود فقتل منهم مقتلة عظيمة. فمن هناك تعظّم النصارى الصلبان، ومن هنالك صار جلّ النصرانية بالروم، وملك الحواريون بعد ذلك، وذلّت اليهود وظهرت النصرانية، وملك يحيى بن زكريا وشمعون والحواريون ومن تابعهم.[234] 170 ـ وهب بن منبه، قال: إنّ عيسى لمّا رفع اجتمعت بنو إسرائيل من آمن منهم بعيسى، فقالوا: ننظر في أمرنا، فانطلق إبليس، فدعا عفاريته، فاجتمعوا إليه، فأخبرهم بالذي يريدون بنو إسرائيل، فقال: إنّا وجدنا منهم فرصة. قال: فاختار عفريتين، فأمرهما بما يريد، ثمّ انطلقوا حتّى دخلوا على بني إسرائيل في مجمعهم الذي اجتمعوا فيه، فأمر صاحبيه، فجلس كلّ واحد منهما ناحية، وجلس إبليس ناحية. فلمّا فرغ بنو إسرائيل من بعض ما هم فيه قام أحد صاحبيه بهيئة حسنة في هيئة عبّادهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الله قد أكرمكم واختاركم على خلقه، بأن نزل من السماء فكان بين أظهركم ما شاء أن يكون، ثمّ عاد إلى سماواته، فاشكروه بما صنع إليكم. ثمّ جلس، فقام الآخر، فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال: أيّها المتكلّم، لا أعلم متكلّماً يتكلّم بكلام أحسن من كلامك ولا أرفق ولا أوفق ولا أقرب من كلّ خير، غير أنّك زعمت أنّ عيسى هو الله وأنّه نزل من السماء بين