تناثر لحمه من الجُذام، وهو يقول: الحمد لله الذي عافاني ممّا ابتلى به كثيراً من خلقه. فقال له عيسى (عليه السلام): «يا هذا، وأيّ شيء من البلاء أراه مصروفاً عنك»؟ فقال: يا روح الله، أنا خيرٌ ممّن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته. فقال له: «صدقت هات يدك». فناوله يده، فإذا هو أحسن الناس وجهاً، وأفضلهم هيئةً. قد أذهب الله عنه ما كان به. فصحب عيسى (عليه السلام)، وتعبّد معه.[388] 305 ـ مهاجر الأسديّ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «مرّ عيسى بن مريم (عليه السلام)على قرية، قد مات أهلها وطيرها ودوابّها. فقال: أما إنّهم لم يموتوا إلاّ بسخطة، ولو ماتوا متفرّقين لتدافنوا. فقال الحواريّون: يا روح الله وكلمته، ادع الله أن يحييهم لنا، فيُخبرونا ما كانت أعمالهم، فنجتنبها. فدعا عيسى (عليه السلام) ربّه. فنُودي من الجوّ أن نادهم. فقام عيسى (عليه السلام)بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية، فأجابه منهم مُجيبٌ: لبّيك، يا روح الله وكلمته. فقال: ويحكم! ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحبّ الدنيا، مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب. فقال: كيف كان حبّكم للدنيا؟ قال: كحبّ الصبي لأُمّه; إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت عنّا بكينا وحزِنّا. قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي. قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلةً في عافية وأصبحنا في الهاوية. فقال: وما الهاوية؟ فقال: سجّينٌ. قال: وما سجّينٌ؟ قال: جبالٌ من جمر تُوقد علينا إلى يوم القيامة. قال: فما قلتم وما قيل لكم؟ قال: قلنا: رُدّنا إلى الدنيا فنزهد فيها. قيل لنا: كذبتم. قال: ويحك، كيف لم يُكلّمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله، إنّهم مُلجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد. وإنّي كنت فيهم ولم أكن منهم. فلمّا نزل العذاب عمّني معهم. فأنا معلّقٌ بشعرة على شفير جهنّم، لا أدري أُكبكب فيها أم أنجو منها. فالتفت عيسى (عليه السلام) إلى الحواريّين، فقال: يا أولياء