وذهب عيسى وأُمّه، وصحبهما يهودي، وكان مع اليهودي رغيفان، ومع عيسى رغيف، فقال له عيسى: «تشاركني»؟ قال اليهودي: نعم. فلمّا رأى أنّه ليس مع عيسى إلاّ رغيف ندم. فلمّا قاما جعل اليهودي يريد أن يأكل الرغيف أكل لقمة. قال له عيسى: «ما تصنع»؟ فيقول له: لا شيء. فيطرحها حتّى فرغ من الرغيف كلّه. فلمّا أصبحا قال له عيسى: «هلمّ طعامك». فجاء برغيف، فقال له عيسى: «أين الرغيف الآخر»؟ قال: ما كان معي إلاّ واحد! فسكت عنه، وانطلقوا فمرّوا براعي غنم، فنادى عيسى: «يا صاحب الغنم، اجزرنا شاة من غنمك». قال: نعم، أرسل صاحبك يأخذها، فأرسل عيسى اليهودي، فجاء بالشاة، فذبحوها وشووها، ثمّ قال لليهودي: «كل، ولا تكسر عظماً». فأكلا، فلمّا شبعوا قذف عيسى العظام في الجلد، ثمّ ضربها بعصاة، وقال: «قومي بإذن الله». فقامت الشاة تثغو[347]، فقال: «يا صاحب الغنم، خذ شاتك». فقال له الراعي: من أنت؟ قال: «أنا عيسى بن مريم». قال: أنت الساحر؟! وفرّ منه. قال عيسى لليهودي: بالذي أحيا هذه الشاة بعدما أكلناها، كم كان معك من رغيف»؟ قال: فحلف ما كان معه إلاّ رغيف واحد! فمرّ بصاحب بقر، فقال له: «يا صاحب البقر، اجزرنا من بقرك هذه عجلاً». فقال: ابعث صاحبك يأخذ، فقال: «انطلق يا يهودي، فجئ به». فانطلق، فجاءه به، فذبحوه وشووه وصاحب البقر ينظر، فقال له عيسى: «كل، ولا تكسر عظماً». فلمّا فرغوا قذف العظام في الجلد، ثمّ ضربه بعصاه، وقال: «قم بإذن الله». فقام له خوار، فقال: «يا صاحب البقر، خذ عجلك». قال: ومن أنت؟ قال: «أنا عيسى». قال: أنت الساحر؟! ثمّ فرّ منه. قال اليهودي: يا عيسى، أحييته بعدما أكلناه! قال: «يا يهودي، فبالذي أحيا الشاة بعدما أكلناها والعجل بعدما أكلناه، كم رغيفاً كان معك»؟ فحلف بذلك ما كان معه إلاّ رغيف واحد!