267 ـ ابن عبّاس، قال: لمّا بعث الله عيسى وأمره بالدعوة، لقيته بنو إسرائيل، فأخرجوه هو وأُمّه يسيحون في الأرض، فنزلوا في قرية على رجل، فأضافهم فأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة ملك جبّار معتدٍّ، فجاء ذلك الرجل يوماً وقد وقع عليهم همٌّ وحزن، فدخل منزله ومريم عند امرأته، فقالت لها: ما شأن زوجك، أراه حزيناً! فقالت: لا تسأليني. قالت: أخبريني، لعلّ الله يفرّج كربه. قالت: فإنّ لنا ملكاً يجعل على كلّ رجل منّا يوماً يطعمه هو وجنوده ويسقيهم الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنّه قد بلغت نوبته اليوم يريد أن يصنع له فيه، وليس لذلك عندنا سعة. قالت: فقولي له: فلا يهتم، فإنّي آمر ابني، فيدعو له، فيكفى ذلك. فقالت مريم لعيسى في ذلك، فقال عيسى: «يا أُمّه، إنّي إن فعلت كان في ذلك شرّ»، قالت: لا تبالي، فإنّه قد أحسن إلينا وأكرمنا. قال عيسى: «فقولي له: إذا اقترب ذلك فاملأ قدورك وخابيك ماءً، ثمّ اعلمني». فلمّا ملأهن أعلمه، فدعا الله، فتحوّل ما في القدور لحماً ومرقاً وخبزاً، وما في الخوابي خمراً لم ير الناس مثله قط. فلمّا جاءه الملك أكل منه، فلمّا شرب الخمر سأل من أين لك هذا الخمر؟ قال: هو من أرض كذا وكذا. قال الملك: فإنّ خمري أُوتي به من تلك الأرض، فليس هو مثل هذا. قال هو من أرض أُخرى. فلمّا خلط على الملك اشتدّ عليه، فقال: أنا أُخبرك، عندي غلام لا يسأل الله شيئاً إلاّ أعطاه، وإنّه دعا الله، فجعل الماء خمراً. فقال له الملك، وكان له ابن يريد أن يستخلفه، فمات قبل ذلك بأيّام، وكان أحبّ الخلق إليه، فقال: إنّ رجلاً دعا الله، فجعل الماء خمراً ليستجابنّ له حتّى يحيي ابني. فدعا عيسى، فكلّمه وسأله أن يدعو الله أن يحيي ابنه، فقال عيسى: «لا تفعل، إنّه إن عاش كان شرّاً». قال الملك: ليس أُبالي، أليس أراه؟ فلا أُبالي ما كان! قال عيسى: «فإن أحييته تتركوني أنا وأُمّي نذهب حيث نشاء»؟ قال الملك: نعم. فدعا الله، فعاش الغلام، فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش تنادوا بالسلاح، وقالوا: أكلنا هذا حتّى إذا دنا موته يريد أن يستخلف ابنه علينا، فيأكلنا كما أكلنا أبوه، فاقتتلوا.