الحجاز، شقّ ذلك على أهل مصر وسألوها في الإقامة لحبّهم لها([99]). كما أجمع أهل السير والتاريخ على وفاة السيدة نفيسة بالقاهرة، كما أجمعوا على أنّها لمّا توفّيت وصل زوجها في ذلك اليوم وأراد حملها إلى المدينة لدفنها بالبقيع، فاجتمع أهل مصر إلى أمير البلد، واستجاروا به إلى زوجها ليردّوه عمّا أراد، وقد دُفنت فعلا بالقاهرة([100]) كما سيأتي تفصيله، ولذلك كان المصريّون يسمّونها بنفيسة المصرية. مولدها، ولماذا سمِّيت باسم(نفيسة) ؟ ولدت السيدة الطاهرة بمكّة المكرّمة في يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة من الهجرة النبوية، وقد فرحت أُمها بمولدها، واستبشر بها أبو ها، وعمّت الفرحة أكناف بيتها، وقد زاد في سرور أبيها وبهجته أن تكشّف في سيماها شبهاً عظيماً بأُخته، عمّتها السيدة نفيسة بنت زيد رضي الله عنها، وهي التي تزوّج بها الخليفة الوليد بن عبد الملك، فاختار لها أبو ها اسم عمّتها لنفاستها، وما تبيّنه لبنته من وسام وقسام اختصّت بهما أُخته، وتفاؤلا بأن يكتب الله لها حظّ عمّتها، وما واتاها من سعادة ونعماء، وما لها من آثار وحظوة، إذ كانت محبَّبة، ولها اليد البيضاء في خلافة زوجها، إذ أنّها دفعته إلى ما قام به في عهده، فقد فتحت في عهده فتوح عظيمة، وكان يتكفّل بالأيتام، ويرتّب لهم معاشهم ومن يرعاهم، ومن يقوم بخدمتهم، وللعميان من يقودهم، وعمّر المسجد النبوي ووسّعه، ورزق الفقهاء والضعفاء والفقراء وأسبغ عليهم، وحرّم الاستجداء، وفرض لذوي الحاجات ما يكفيهم، وقد ضبط أُمور الخلافة أتمّ ضبط([101]). عمّة السيدة نفيسة في مصر: ومن المصادفات الغريبة أنّ عمّة السيدة نفيسة رضي الله عنها رحلت إلى مصر وتوفّيت