وهي السيدة النقيّة العفيفة الزاهدة، الساجدة الراكعة، المحدّثة المتبحّرة المتضلّعة، الكثيرة النفحات، الغزيرة البركات، والبضعة المنيفة الناضرة، والزهرة الزاهرة، سليلة النبوّة وفرع الرسالة، وجناح الرحمة، كريمة العنصر والمنبت من آل بيت من اصطفاه الله: رسول الله محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أُولئك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيرا. هذه ألقاب السيدة نفيسة رضي الله عنها.. (1) فهي نفيسة الدارين: لعوارفها وصنائعها وشفاعتها يوم القيامة لقاصديها، وبجناح الرحمة: لتواضعها وخضوعها لبارئها، وشفقتها ورحمتها وبرّها وصلتها لذويها ومعتفيها وقاصديها، ويستظلّ زائرها بجناح رحمتها. (2) وهي نفيسة العلم: لما استنبطته من دخائل العلم واستجلته من غوامضه، وما نثرته على طالبي الاستفادة منها، فكان يرجع إليها في المشكلات، ويستصبح بضوئها في المعضلات، وتشدّ إليها الرحال من أطراف البلاد في طلب ما حذقته وأحكمته من علوم بيت النبوّة. ويكفي أن نذكر هنا أنّها تعلّمت القراءة والكتابة قبل أن تبلغ السابعة من عمرها، وهي بلا شكّ علامة كبيرة مميّزة تنبئ بما ينتظرها في مستقبلها، وقد ساعدها ذلك على أن تحفظ القرآن الكريم وتجيده في سنّ مبكرة. (3) وهي نفيسة الطاهرة: لطهارتها وتعبّدها، وهي السيدة العظيمة العابدة، النقيّة الطاهرة. (4) وهي نفيسة العابدة: لعبادتها وتقواها، فإنّها كانت من السائحات العابدات، الصالحات القانتات، تصوم نهارها وتقوم ليلها، وقد حجّت ثلاثين حجّة أكثرها وهي ماشية([97])، وكانت تتعلّق بأستار الكعبة وتقول: «إلهي وسيدي ومولاي متِّعني وفرِّحني برضاك عنّي، فلا تسبّب لي سبباً يحجبك عنّي»([98]). (5) وهي نفيسة المصريّين: لحبّ أهل مصر لها، ويكفي أن أقول في أول هذا البحث ـ كما سيأتي بعد ذلك تفصيلا ـ: إنّها لمّا عزمت على الرحيل من مصر إلى بلاد